حديث الجمعة

حديث الجمعة : الحرية الاعتقادية (2) .. سماحة السيد حسن النمر الموسوي

نص الخطبة التي ألقاها سماحة العلاّمة السيد حسن النمر الموسوي بعنوان «الحرية الاعتقادية (٢)»، يوم الجمعة ٢٠ ربيع الثاني ١٤٤٣هجري في جامع الحمزة بن عبدالمطلب بمدينة سيهات.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق وأشرف الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الطاهرين.

رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.

عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله،

ولا يمكن للإنسان أن يكون من أهل التقوى إلّا أن يعرف حدوده وحقوقه من جهة، وقبل ذلك حق الله عز وجل، وحدوده من جهة أخرى، حتى لا يحصل من قبله عدوان لا يرضاه الله سبحانه وتعالى، ويدفع ثمنه غاليا.

ذكرنا أن هناك حقولا أربعة يجب أن يلتفت إليها، حتى لا يختلط علينا الحابل بالنابل، فنطلب حرية في مجال ليس فيه مجال للحرية، حياة الناس جميعا لا يستثنى منها أحد، هي محكومة بسلسلة من القوانين، العادات والتقاليد شكل من أشكال تقييد الحرية، وكل الناس يقبلونه في مشارق الارض ومغاربها، القدماء والمعاصرون ومن سيأتي من الناس، لا يعيشون في حل من كل قيد، وإنما لديهم عادات وتقاليد بعضها راسخ في القدم، وبعضها يستجد ويتغير وبعضها يوضع من قبل مجموعة من الناس وبعضها لا يعرف الناس كيف نشأ وبعضها يرجع فيه المتقيدون به الى الله سبحانه وتعالى.

هذه الحقول الأربعة، قلنا: الشعور.

 الحقل الثاني: الشعار.

الحقل الثالث: الشعائر.

الحقل الرابع: الشريعة.

هذه الحقول الأربعة، يجب أن نميّز، في أي حدود أنت حر؟

قلنا: مشاعرك، شعورك، لا يستطيع أحد أن يحكم شعورك ومشاعرك تجاه هذا الشيء أو ذاك الشيء، تحب هذا الطعام لا تحب ذاك الطعام، تميل الى هذا اللون، لا تميل الى اللون الآخر، يعجبك السمنة، لا يعجبك الضعف أو العكس، هذه أذواق “ولولا الأذواق لبارت السلع” أو” لبارت الأسواق” كما يقولون.

فيما يتعلق بالشعار، هناك شيء يرتبط بك وهناك شيء يرتبط بالآخرين، لذلك لا نجد أنفسنا أحرارا أن نقول كل شيء، كل دول العالم، كل المجتمعات، تسمح بمقولات وتمنع مقولات، حتى ما يقال بأنه “حرية التعبير”، الآن يعتبرون من حقوق البشر “حرية التعبير”، لكنكم جميعا تجدون وسائل التواصل، القائمون عليها ألا يحجبون مواقع؟ ألا يحجبون بعض الصفحات؟ ألا يحجبون بعض المقولات؟ السبب؟ لا نناقش الآن هل أن هذا عمل مشروع أو عمل غير مشروع؟ لكن تعارف كل الناس، على أن صاحب الأمر في هذه المسألة أو تلك المسألة في هذا الموقع أو ذاك الموقع سيحجب شيئا من المقالات والنشاطات، قد تناقشه في التطبيق، لكن الفكرة، أنت لو كنت في مكانه قد تمنع شيئا آخرا، هذا يمنع شيئا سياسيا، ذاك يمنع شيئا ثقافيا، ذاك يمنع شيئا أخلاقيا، وهناك من يصور للآخرين بأنه لا يمنع شيئا ما، لا، ليس هناك ما يمنع، حتى الحجاب يُمنع.!

الحجاب يُمنع، في بعض الدول ممنوع، الآن ليش ممنوع؟ لهم مبرراتهم -نحن كمسلمين، لا نرضاها- هم يرون شيئا آخرا، وفي المقابل، نحن نمنع أشياء هم يرون أنها يجب أن تُسمح، الشريعة هي العادات والتقاليد في الوسط الاجتماعي وهي الأحكام الشرعية بالنسبة للمتدين.

لاحظوا، الله سبحانه وتعالى، كنا نتحدث عن الحرية الاعتقادية، والحرية الاعتقادية أو مجال الاعتقاد ما هو؟

الاعتقادات وصف، وفي الوصف لست حرا أن تصف الشيء كما يحلو لك، في الوصف يجب أن يوصف الشيء كما هو، حينما نقول: الله موجود، يعني نصف الله عز وجل، بأنه موجود، لو أن احدا قال: الله غير موجود، لقلنا له أخطأت في وصف الله عز وجل، بأنه غير موجود، لو وصفت الاثنين بأنهما ليسا زوج، قلنا لك: أخطأت، في أنك تصف الاثنين بأنهما ليسا زوج.

عالم العقائد كله، هو من قبيل الوصف، ولذلك، ماذا يقول الله عز وجل؟ {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} الاسلام ماذا يعني؟ لا يعني خصوص الدين الاسلامي، “الدين الإسلامي” هو آخر دين وخاتم الأديان التي نزلت من عند الله عز وجل، لكن قبل الاسلام كيف يكون الانسان مسلما؟

أن يتدين بالنصرانية إذا كان ممن خوطب بالنصرانية أو بالحنفية إذا لم يكن مخاطبا بالنصرانية، قبل النصرانية؟ يجب أن يكون يهوديا إن كان من “بني إسرائيل” وخاطبه “موسى” عليه السلام باليهودية، وارجع هكذا، شيئا فشيئا، إلى أن ترجع الى “آدم” لكن الجامع بين كل هذه الأديان هذا ما نسميه “الإسلام”.

ماذا يقول الله عز وجل، عنا لـ”إبراهيم”؟ { هُوَ…} أي “إبراهيم” عليه السلام {… سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ }.

لاحظوا ماذا يقول الله عز وجل، أيضا في سورة “آل عمران”؟ الله سبحانه وتعالى، يخاطب النبي ومنه خطاب لنا {قُلْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰٓ إِبْرَٰهِيمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍۢ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُۥ…} أي لله عز وجل {… مُسْلِمُونَ}.

لو كان ما نزل على هؤلاء الأنبياء، يختلف بعضه عن بعض، لا تستطيع أن تؤمن بما نزل على هذا النبي وعلى النبي الآخر، بينما يكون ما أُنزل على هذا يختلف عما أُنزل على هذا، لا تستطيع أن تجمع بين المتضادين والمتناقضين.

فإذن، ما أنزل عليهم في هذا الجانب هو واحد لا يختلف، ثم يقول الله عز وجل، النتيجة {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} يقرر الله عز وجل، بعد هذه المقولة قاعدة:

القاعدة – هي أنت أيها الانسان طالب للربح والفوز، كيف تحقق الفوز بالنسبة لك؟ هو أن تتديّن بالدين الذي يأتي من عند الله.

كيف الدين الذي يأتي من عند الله؟ يعني الذي ينزله على أنبيائه الذين سمّاهم في هذه الآية المباركة، لو أن أحدا قال: أنا لا أجد نفسي ملزما بما أنزل على ابراهيم وموسى وعيسى وسائر الأنبياء”…!

يعني أنه تديّن بدين غير دين الله، إذا تديّن بدين غير دين الله، حتى ما يخترعه في نفسه، قد نسمع بعض المقولات تقول: نحتكم الى الشرع الشريف، قال: خل الشرع الشريف على جنب..!

هذا تديّن بدين غير الله عز وجل {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} فإذن، يجب أن يقبل الدين، النازل على جميع الأنبياء. داخل الدين الواحد، لا يستطيع الانسان يقول “أنا حر” أنا ألتزم بالصلاة والصيام والحج، وما عدا ذلك -مثلا- من الأحكام الشرعية، لن أجد نفسي ملزما بها”.! مفردات الدين، مفردات الأحكام الشرعية كلها دين.

الله سبحانه وتعالى، ماذا يحكي عن الأعراب؟ {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا}.

انتوا [أنتم] بالإسلام، يعني أعلنتم الشهادتين، أما الإيمان، وهو مرتبة من الإسلام، مرتبة عليا بعد لم تبلغوها، أنتم أسلمتم لله عز وجل، في حدود القلب، بالنسبة للصادق منهم، وفي حدود النطق بالشهادتين، أما الايمان له سلسلة من الالتزامات، أنتم لم تلتزموا بها بعد، ولذلك أنتم مسلمون في العموم، لكن بعد ولم تبلغوا درجة الإيمان.

بعض الآيات الشريفة، تتكلم عن مرتبة أعلى من الاسلام أو مرتبة إسلام أعلى من الإيمان، يتداخلان -المصطلحان- حتى لا يختلط علينا المصطلح المتداول بين العلماء والفقهاء والمصطلح القرآني.

ماذا يقول الله عز وجل، عن “عيسى” عليه أفضل الصلاة والسلام، وعيسى نبي من الأنبياء، والأنبياء قد نقرأهم من زاويتين، زاوية أنهم أنبياء مرسلون من عند الله عز وجل، وبالتالي لهم خصوصيات وخصائص يفتقدها غيرهم.

ومن زاوية أخرى، نقرأهم كعقلاء، لا يمكن أن يأتي أحد من هؤلاء العباقرة يقول: أنا أذكى من الأنبياء…! لا، لستَ أذكى من الأنبياء، حتى من الناحية الطبيعية، الأنبياء يأتون في القمة، وإذا وجدنا شخصا من الأذكياء، ونحن نعتقد أنه فوق ذلك، من الأنبياء، وسلّم بشيء، يجب على من هو دونه في المنزلة والمكانة، أن يتواضع، ويقبل ما قبله، ليس من باب أن ليس لك الحق في أن تفكر، لأن بعضهم يقول: العبودية هي أن تسلّم عقلك للآخرين فيفكروا عنك..! هذا فيه خلط، هل كل الناس اليوم يقررون أننا نلقح بـ[عن]”الكورونا” أو ما نلقح؟

لا، مو [ليس] كل الناس يقرّرون، أنت تنتظر قرارا من وزارة الصحة.

إذا قررت وزارة الصحة جرعة، جرعتين، ثلاث جرعات، كل المواطنين والمقيمين، ملزمين بأن يلتزموا بهذا القرار، هل تعتبر هذا أو يعتبر هذا أنك سلمت عقلك للآخرين؟ لا، هذا تخصصهم، هذه مسؤوليتهم، المسؤولية النظامية من جهة والمسئولية التخصصية من جهة أخرى، لا تملك المؤهلات الكافية لأن تزاحمهم في اتخاذ القرار، فلو أن أحدا قال: أنا لا أريد أن ألتزم بقرار أحد، يقول حتى لو كان هذا الذي جاء بالقرار هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله، النبي المرسل من عند الله عز وجل، طبعا هذه المقولة ستتقلص، وبالتالي، سيكون هذا شعار.

مسألة يجب أن تكون حرا ولا تكن عبدا لغيرك، هذا غيرك من هو غيرك الذي لا تريد أن تستسلم له، أبوك؟ في صغر سنك، أنت تستسلم لأبيك ثم تتعلم وتتفوق على أبيك في التعليم، فتنقلب الآية، يصبح هو من يستسلم لك، هل كنت عبدا له ثم صار عبدا لك؟ لا، لم تكن عبدا له ولن، وليس هو عبدا لك في المرحلة الثانية، لكن هذا اختصاص، هذا علم لم تكن تملكه، فلما ملكته وكان أبوك يفقده، صار موقعك السابق، تبدل وصار والدك في هذا الموقع الذي كنت أنت فيه.

لاحظوا ماذا يقول الله عز وجل عن “المسيح” عليه السلام، في مقابل ما يدعيه له النصارى، من أنه رب، يسمّونه “الرب يسوع” الآن، قال {لَّن يَسْتَنكِفَ…} أي يترفّع {لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ ۚ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِۦ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا} الموعد هناك، إذا وفدتم على الله عز وجل.

من زعم بأنه حر وتفلّت من كل شيء، الله سبحانه وتعالى، يقول هذا المقام نحن أعددناه لمن آمن، أنت زعمت أنك حر ولم تذعن لهذه، فخسرت هذا المقام، ثم قد يخسر مقاما آخرا ومقاما آخرا، إلى أن يصبح من غير أهل الجنة أصلا، يكون من الأشقياء، أعاذنا الله وإياكم.

لا بأس، في هذه الآية هناك رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يرويها “الإمام موسى بن جعفر” عليه أفضل الصلاة والسلام، الماء في حوار مع المأمون، في حوار طويل أقتطع منه هذا المقطع (فقال له المأمون…) عن الآية (يا أبا الحسن…) “الإمام الرضا عليه السلام” في زمن “الإمام الرضا” عليه أفضل الصلاة والسلام، كان هناك حوارات كثيرة وآراء وانفتاح، مَن الذي يتولى ضبط الأمور، حتى تتجه في الجهة الصحيحة؟ هذا دور “أهل البيت” عليهم السلام (….يا أبا الحسن بلغني أن قوما يغلون فيكم ويتجاوزون فيكم الحد…) حتى نعرف الحرية تعني، الحرية يعني لا تقصّر في حق أحد ولا تغلوا في حق أحد، حتى الأنبياء والأئمة، لهم مرتبة، الله سبحانه وتعالى، وضع لهم مرتبة، ليس لك أن تقلل من شأنهم فتقصّر ولا أن تعلي من شأنهم فوق المرتبة التي جعلهم الله عز وجل، فيها، فلست حرا حتى في هذا، لست حرا.

(…فقال الرضا عليه السلام حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا ترفعوني فوق حقي، فإن الله تبارك وتعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا، قال الله تبارك وتعالى {ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله، ولكن كونوا ربانيين، بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون، ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ايأمركم بالكفر بعد اذ أنتم مسلمون…) أنتهى هذا كلام النبي، الى هنا انتهى، يضيف “الإمام الرضا” (…قال علي عليه السلام يهلك في اثنان…) “الإمام الرضا” عليه السلام، يريد أن يرد المقالة التي نُسبت أو يشوه بها الشيعة من قديم، أن الشيعة يغالون، إذا كان هناك أحد مغالي، هذا جواب “الإمام الرضا” هذا ليس منا، بل أن حُكم الفقهاء الإمامية فيما يتعلق بالغلاة” حكم شديد، يخرجونهم حتى من دائرة الإسلام، حكمهم أشد من هذا.

(….قال علي عليه السلام يهلك في اثنان ولا ذنب لي محب مفرط ومبغض مفرط، وأنا أبرأ الى الله تبارك وتعالى ممن يغلو فينا، ويرفعنا فوق حدنا كبراءة عيسى بن مريم عليه السلام من النصارى قال الله تعالى {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَءَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ} وقال عز وجل {لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون} الى آخر الآية، وقال عز وجل {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ}..) “الإمام” يشرح (….ومعناه أنهما كانا يتغوطان) يقضيان الحاجة، لكن القرآن لأنه اعتمد الأدب، أصلا كلمة الغائط ماذا تعني؟ الغائط هو المنخفض الذي تُقضى فيه الحاجة، مع مرور الزمن الناس سموا يخرج من الانسان سُمي الغائط، بمناسبة تسمية الحال بالمحل. التعبير القرآني تعبير كنائي، كيف يكون من يقضي الحاجة ربا؟ يحتاج، ضعيف، يخرج منه الفضلات، ومعناه أنهما كانا يتغوطان، يضيف “الإمام” يستنتج (….فمن ادّعى للأنبياء ربوبية، للائمة ربوبية أو نبوة، أو لغير الأئمة إمامة، فنحن منه برآء في الدنيا والآخرة).

“الإمام” عليه السلام، أشار إلى نقطتين، قال أنتم تتهمون أو يُنسب إلينا أننا نقول بالربوبية في “أهل البيت”، ها نحن نفيناه، لكن في المقابل، مَن يدّعي أنه إمام ولم ينصبه الله عز وجل، لذلك، فنحن منه برآء، لماذا؟ “الإمام” عليه أفضل الصلاة والسلام -أنتهى ما أريد أن استشهد عنده- يريد أن يقول أنت أيها الانسان لست حرا أن تفكر بالطريقة التي تشاء، وإنما يجب عليك أن تقرأ أولا الواقع كما هو، ثم لك أن تدرس علاقات الاشياء والموجودات بعضها ببعض، فتجد هذا قريبا من هذا، هذا يشبه هذا، هذا ضد هذا، هذا نقيض هذا، هنا الله سبحانه وتعالى آتاك، أيها الانسان، عقلا وبه خُوطبت بالتكليف، فعّل عقلك في استكشاف الواقع، في استكشاف ما خلقه الله عز وجل، لا أن تبتكر لنفسك خيالا وأحكاما ما أنزل الله بها من سلطان {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} الحكم بالصواب والخطأ والحسن والقبح، هذا ليس نحن نصنع الشيء حسنا ونصنع الشيء قبيحا، نحن نستثمر ما خلق الله عز وجل، فإذا ضممنا هذا الى هذا، ننتج شيئا فيه الجمال، نحاكي فيه الجمال الذي جعله الله عز وجل، في هذا الواقع.

فإذن، الحرية الاعتقادية كما يصوّرها بعض الناس أنا حر، لا، لست حرا، مثل ما أنت محكوم في عالم الرياضيات والكيمياء والفيزياء كذلك في باب العقائد، أنت محكوم، لكن عليك أن تعرف الحد، حتى لا تقع في الغلو ولا تقع في التقصير، وإنما تسير وفقا للصراط المستقيم، حتى أننا كُلّفنا بأن نقرأ الآية التي فيها {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }.

جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

اللهم صل على محمد وال محمد، اللهم كن لوليك الحجةِ بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظا وقائداً وناصرا ودليلاً وعينا، حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا،

اللهم أنصر الإسلام والمسلمين واخذل الكفار والمنافقين، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وأغن فقرائنا وأصلح ما فسد من أمر ديننا ودنيانا ولا تخرجنا من الدنيا حتى ترضا عنا يا كريم، وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى