حديث الجمعة

خطبة عيد الأضحى المبارك : المؤمنون وطلب النور ..

خطبة عيد الأضحى المبارك : المؤمنون وطلب النور ..

نص الخطبتين :

الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
الله ُأكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، زنةَ عرشِهِ، ورضا نفسِهِ، وعددَ قطرِ سمائِهِ وبحارِهِ، له الأسماءُ الحسنى، والحمدُ للهِ حتى يرضى، وهو العزيزُ الغفورُ.
الله ُأكبرُ كبيراً متكبراً، وإلهاً متعززاً، ورحيماً متحنناً، يعفو بعد القدرةِ، ولا يقنطُ من رحمتِهِ إلا الضالون.
الله ُأكبرُ كبيراً، ولا إلهَ إلا الله كثيراً، وسبحان الله حناناً قديراً.
والحمدُ للهِ، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه.
ونشهد أن لا إلهَ إلا هو، وأن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ. من يطع اللهَ ورسولَهُ فقد اهتدى، وفاز فوزاً عظيماً، ومن يعصِ الله َورسولَهُ فقد ضلَّ ضلالاً بعيداً وخسِر خسراناً مبيناً.
أوصيكم – عبادَ اللهِ ونفسي – بتقوى اللهِ، فإنها الحصنُ الحصينُ، والحبلُ المتينُ.
وإن من تقوى الله ِتعالى أن نستنيرَ بنورِ معرفتِه، ونتجنبَ ظلماتِ معصيتِه ﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحديد: 9].
وما أجدرَنا أن نكونَ – وإياكم – ممن وعَدَهم بقوله تعالى ﴿يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢)}.
ونعوذُ باللهِ أن نكونَ – وإياكم – من أهلِ التقصيرِ والحسرةِ؛ ممن توعَّدَهم وتهدَّدَهم بقوله {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [الحديد: 12-15].
أيها المؤمنون!
لقد حذَّرنا الله ُتعالى من التقاعسِ والتراخي في السيرِ على صراطِهِ، والاهتداءِ بهديِهِ، فقال ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ..}، وحذَّرنا من أن نخالفَ أمرَهُ، ونتخلَّفَ عن أوليائِهِ، فنكونَ {..كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد: 16]
ثم إنه سبحانه أوضَحَ لنا عاقبةَ هؤلاء وهؤلاء، فقال عزَّ وجلَّ ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [الحديد: 19].
ودعانا إلى طاعتِهِ، بل إلى السبقِ فيها، والمسارعةِ إليها، فقال سبحانه ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: 21].
جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبع أحسنه.
اللهم صل على محمدٍ وآلِ محمدٍ، وبارك على محمدٍ وآلِ محمدٍ، وتحنن على محمدٍ وآلِ محمدٍ، وسلم على محمدٍ وآلِ محمدٍ، كأفضلِ ما صليتَ وباركتَ وترحمتَ وتحننتَ وسلمتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ.
إن أحسنَ الحديثِ ذكرُ الله ِوأبلغَ موعظةِ المتقين كتابُ اللهِ عزَّ وجلَّ.
أعوذ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ‏ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونؤمنُ به ونتوكلُ عليه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدي اللهُ فلا مضلَّ له ومن‏ يضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ أرسله بالهدى ودينِ الحقِّ ليظهرَهُ على الدينِ كلِّهِ ولو كره المشركون، وجعله رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً وداعياً إلى اللهِ بإذنِهِ وسراجاً منيراً. من يطع اللهَ ورسولَهُ فقد رشُدَ، ومن يعصِهما فقد غوي.

الخطبة الثانية

أوصيكم – عبادَ اللهِ – بتقوى اللهِ، الذي ينفع بطاعتِه مَن أطاعه، والذي يضر بمعصيتِه مَن عصاه، الذي إليه معادُكم، وعليه حسابُكم؛ فإن التقوى وصيةُ اللهِ فيكم وفي الذين مِن قبلكم ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].
عباد الله!
لقد تفضل اللهُ على عبادِهِ، ولطُف بهم، فبعث النبيين وأرسل الرسلَ مبشرين ومنذرين، فصدعوا بكلمةِ الحقِّ، وأبانوا للناسِ نورَ اللهِ، وخوفوهم من نارِهِ، فكونوا ممن اهتدى، واستعيذوا باللهِ أن تكونوا، أو نكونَ، ممن خالف وشقي، فقد قال تعالى ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 26].
جعلنا الله وإياكم من المقتبسين من نورِهِ، والمستعيذين به من نارِهِ، ووفقنا وإياكم إلى الانخراطِ في سلكِ مَن قال عنهم ﴿وَالَّذِينَ ‌جَاهَدُوا ‌فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69].
اللهم صل على محمدٍ وآلِ محمدٍ، اللهم أعط محمداً الوسيلةَ والشرفَ والفضيلةَ والمنزلةَ الكريمةَ، اللهم اجعل محمداً وآلَ محمدٍ أعظمَ الخلائقِ كلِّهم شرفاً يومَ القيامة، وأقربَهم منك مقعداً، وأوجهَهم عندك يومَ القيامةِ جاهاً، وأفضلَهم عندك منزلةً ونصيباً. اللهم أعط محمداً أشرفَ المقامِ، وحباءَ السلامِ، وشفاعةَ الإسلامِ. اللهم وألحقنا به غيرَ خزايا ولا ناكثين ولا نادمين ولا مبدلين إله الحق آمين.‏
اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات، الأحياءَ منهم والأمواتِ الذين توفيتَهم على دينِك وملةِ نبيِّك صلى الله عليه وآله وسلم. اللهم تقبل حسناتهم، وتجاوز عن سيئاتهم، وأدخل عليهم الرحمةَ والمغفرةَ والرضوانَ، واغفر للأحياءِ من المؤمنين والمؤمنات، الذين وحَّدوك، وصدقوا رسولَك، وتمسَّكوا بدينِك، وعملوا بفرائضِك، واقتدوا بنبيِّك، وسنوا سنتَك، وأحلُّوا حلالَك، وحرَّموا حرامَك، وخافوا عقابَك، ورجَوا ثوابَك، ووالَوا أوليائَك، وعادوا أعدائَك. اللهم اقبل حسناتِهم، وتجاوز عن سيئاتِهم، وأدخلهم برحمتِك في عبادِك الصالحين، إلهَ الحق آمين.
وصلى اللهُ على محمدٍ وآلِهِ الطيبين الطاهرين
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون: 1-6]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى