حديث الجمعة : «لا تكونن إمَّعة» يوم الجمعة ٢٩ جمادى الأول ١٤٤٤ هـ

نص الخطبة التي ألقاها سماحة العلاّمة السيد حسن النمر الموسوي بعنوان «لا تكونن إمَّعة» يوم الجمعة ٢٩ جمادى الأول ١٤٤٤ هجري في جامع الحمزة بن عبدالمطلب بمدينة سيهات.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق وأشرف الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين

ربّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدةً من لساني يفقه قولي،

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإن الله -عز وجل- من علينا وعليكم بكتاب يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين. ووصف هذا القرآن الكريم وبطبيعة الحال السنة النبوية الشارحة له ورسول الله (صلى الله عليه وآله) وآله الذين هم قيّمون على هذا الكتاب وعلى هذه السنة بأنه {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة- 2].

ومن المفاهيم اللازمِ أن تُزال من الأذهان هو حصر التقوى في الجانب العبادي في السلوك الفردي أو الاجتماعي العام وإنما يجد المتتبع للقرآن الكريم والسنة المطهرة أنّ التقوى مفهومٌ واسع يشملُ كل حركات الإنسان وسكناته. لذلك تجدون الفقهاء في أوائل الرسائل العملية يلزمون ويوجبون التقليد في كل الأعمال حتى في المباحات يحتاج الواحد يقلد بمعنى أن لا يرتكب شيئاً بظنٍ أنه مباح وهو لا يملك سنداً شرعياً على أن هذا مباح أو أن هذا محرم. نسبة شيء إلى الله -عز وجل- بالتحليل والتحريم والاستحباب والكراهة والإباحة هذا افتئات على الله -عز وجل- إن لم يكن للإنسان سند شرعي. لكن هل يتأتى هذا لجميع الناس؟ يعني بمعنى أن الناس قادرون على أو جميع الناس قادرون على أن يكونوا من أهل العلم والإحاطة بما أحل الله -عز وجل- وحرم وأمر ونهى؟ الجواب: لا يستطيع أحد أن يدعي ذلك. لأن اشتغالات الناس التي فرضها الله -عز وجل- عليهم لا تسمح لهؤلاء جميعاً أن يحيطوا بهذا المقدار لأن هناك غيب وهناك شهادة. فإذا كان هناك غيب وعامة الناس لا يحيطون بعالم الغيب لا بد أن نرجع فيه إلى من أطلعه الله -عز وجل- على الغيب في حدود ما كلف الله -عز وجل- به هذا الإنسان وهو النبي (صلى الله عليه وآله) يطّلع على الغيب بمقدار ما يوحى إليه. وبالتالي لو أننا سمعنا من (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئاً ينسبه إلى الله وَجبَ علينا أن نصدقه. لكن بعد ماذا؟ بعد أن أحرزنا رسالته ونبوته. وإلا لو أننا سلمنا قيادنا إلى شخص قال إنه رسول وأنه نبي دون أن نملك الحجة أصبحنا من ذوي التقليد الأعمى والتعصب الأعمى وهذا مذموم.

عنوان حديثي سيكون هو النهي عن أن يكون الإنسان إمعة. إمعة ليس لفظ يعني مصدر عربي يعني ما عندنا مصدر مثل ضرب، الضرب الإكرام عندنا شيء اسمه إمعة وإنما هو منحوت من كلمتين أنا معك أنا معه، فنحتوا منها فصار إمعة أنا مع فلان.

في الجاهلية كما يقال كانوا يستعمل هذا المصطلح على الإنسان الذي يرافق شخصاً إلى وليمة لم يدع إليها. يدعى هذا الشخص فيصاحبه شخصٌ آخر يكون طفيلياً يقولون هذا إمعة. النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما يروى عنه وجّه هذا المفهوم مثل مفهوم الهجرة. مفهوم الهجرة هو الانتقال من بلد إلى بلد لكن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) حصَرَ هذا المفهوم في الانتقال من أي بلد إلى المدينة المنورة فقط وفي فترة معينة. ثم حرر هذا المصطلح وقال المهاجر من هجر السيئات، الإنسان كيف يهاجر السيئات؟ يحتاج ينتقل من بلد إلى بلد لا أنت في بيتك. بل أنت ساكن لا تتحرك لكن عزيمتك ونيتك على أن لا ترتكب السيئة وأن تلتزم الحسنة، تكون بذلك قد حققت هذا المفهوم الذي طوّره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتكون بمثابة من هاجر من منطقة إلى منطقة.

إبراهيم -عليه السلام- لمّا قال إني مهاجرٌ إلى ربي قام بالفعلين معاً. خرج من بلده التي كفرت بالله ولم تصدقه إلى بلد آخر، فارّاً بدينه. وهكذا فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هاجر من أفضل بقعة وهي مكة إلى المدينة المنورة فارّاً بدينه وهكذا فعل من هاجروا معه أو بأمره -صلوات الله وسلامه عليه-. فإذاً مصطلح إمعة ما هو المقصود به؟

الإمام الكاظم -عليه أفضل الصلاة والسلام- آخذاً بنهج رسول الله (صلى الله عليه وآله) شرح هذا المعنى فيما يروى عنه. كان له صاحب يقال له الفضل ابن يونس -موثق هذا في علم الرجال- يخاطبه الإمام الكاظم -عليه السلام-، فيقول له: «أبلغ خيراً وقل خيراً». يعني ليس لك كمؤمن أن تحمل أي رسالة ممن كان إلى أي كان. وإنما يجب أن يحمل على يدك ومنك الخير من أهله إلى محله ممن صدر منه إلى من يستحقه. لا تكن ناقلا للشر، فالفتان والنمام والغيبة والذي يتلصص على عورات الناس وعثرات الناس، هذا لا يُبلِغ خير هذا يسبب فتنة ينقل شراً فالإمام -عليه السلام- يقول: «أبلغ خيراً وقل خيراً». في الفرق بين الأول والثاني أن المبلغ والمبلغ المبلغ لشيء حامل الأمانة من شخص إلى شخص، مقالة سمعها من فلان أو قرأها عند فلان وبلغها إلى فلان أو من الجماعة الفلانية إلى جماعة أخرى. لكن القائل، لا! هذا منتوجك، محصولك! أنت تفكر في شيء أخذت قناعة في فكرة معينة تريد أن تنقلها للآخرين هل أنت حر أن تنقل كل كلام؟ تتفوه بكل كلام؟ خصوصاً اليوم، في السابق كان الذين يكتبون قلة. كثيرٌ من الناس كانوا أميين لا يحسنون القراءة والكتابة، وكثير منهم حتى إذا تعلم القراءة لا يتعلم الكتابة لأنها تحتاج إلى إنفاق مالي. ليس كل الناس قادرين على أن يشتروا الورق والأحبار أو يصنعوا الأحبار. لكن اليوم أتيح هذا لكل أحد، كل الناس يستطيعون أن يقرأوا إلا من شذ وكل الناس يمارسون الكتابة! وسائل التواصل الاجتماعي اليوم صارت مجالا مفتوحا هي الورق وهي القلم الكل يكتب الكل يقول. هل يدخل هذا التوجيه الذي صدر من الإمام الصادق -عليه السلام- في حياتنا؟ الجواب: نعم «قل خيراً» لا تكتب كل شيء وإلا فإن هناك ملكين يتعاقبان عليك {ومَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق- 18].

سيسأل كل إنسان عن هذا الكلام، فيقول: «أبلغ خيراً، وقل خيراً ولا تكونن إمعة» هذا رواية الشيخ المفيد. هناك لفظ آخر، ولا تكون إمعة والمعنى واحد «قلت: وما الإمعة؟ قال: لا تقل: أنا مع الناس، وأنا كواحد من الناس». يعني المثال المعروف حشرٌ مع الناس عيد، هناك من يشل تفكيره لا يفكر في الحلال والحرام! ولا في الصواب والخطأ! ولا في الحق والباطل! ولا فيما هو جيد وما هو غير جيد! ما يشيع بين الناس من الأقوال مقالات والأفكار يأخذه. ماذا يفعل؟ منقول! يقرأ رسالة تصل إليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ينقلها كما جاءت لا يتوثق من صحتها ولا من مصدرها ولا مما يترتب عليها من الآثار التي قد يكون السلبي منها أضعاف أضعاف ما يكون إيجابياً! لأنه لا يشعر بالمسؤولية. ولعلنا نوفق إن شاء الله في حديث لاحق إذا أبقى الله لنا عمرا أن نتحدث عن المسؤولية وضرورة التحلي بها.

يقول لا تقل أنا مع الناس! ما الذي يبتلى به كثير من الناس؟ الشعور بالدونية، الشعور بالتبعية هناك من لا يستطيع أن يقف على قدميه ولا يشغل نفسه بالتفكير! كسول. لكن أيضاً نقول ليس كل الناس قادرين على أن يستقلوا بالرأي والقول وإلا لصرنا جميعا أطباء ومهندسين وميكانيكيين وفقهاء وفلاسفة. لا! هذه حقول معرفية، إنما يتكلم في الطب ذاك الذي قضى عمراً في دراسة الطب، هذا مؤهلا أن يتكلم في الطب. الهندسة علم كالطب، الفقه علم كالطب، الميكانيكا علم كالطب، وقس على هذا أي حقل من الحقول. لا يستطيع أي منا قد يعرض عليك مجموعة من الرطب، مجموعة من السمك إذا لم تكن خبيراً بالرطب والسمك لا تستطيع أن تقول هذا الرطب من الصنف الفلاني وهذا السمك من الفصيلة الفلانية. أنت تستطيع أن تأكل، عُرض عليك رطبا تستسيغه وتأكله. إما أن تقول هذا الرطب من الصنف الفلاني وأنت لست من أهل الزراعة والفلاحة والإحاطة به ستكون متطفلا. هذه في مسألة بسيطة، فكيف إذا تعقدت المسائل؟ وكذلك في المسائل الاجتماعية، أحيانا تسمع أن هناك مشكلة حصلت بين شخصين لا تتسرع وتُقحم نفسك حتى في الإصلاح بين هذين الفردين. إذا لم تحط بأبعاد ما حصل بينهما، قد تتدخل وتزيد الأمر سوءً. إذا أحطت بأطراف المسألة وعرفت طبيعتها وحجمها ووجوه الإصلاح فيها من أخطأ ومن أصاب أو أنهما كلاهما أخطأ في جانب وأصاب في جانب. حينئذاً تحمل مسؤولية الإصلاح بينهما وإلا قد يكون دخولك بينهما يزيد الأمر تأجيجاً من حيث تدري ومن حيث لا تدري هذه أيضا مشكلة.

فإذاً لا ينبغي للإنسان أن يسير مع كل ما هو شائع بين الناس وإنما ينبغي أن يغربل الإمام سيبين. يضيف الإمام- عليه السلام- يقول إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «يا أيها الناس» يعني هذه خطبة أو بمثابة الخطبة «إنما هما نجدان» النجد هو الطريق نجدان يعني طريقان لا ثالث لهما «نجد خير، ونجد شر، فلا يكونن نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير».

انزين إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يعرف نجد الخير ونجد الشر سيقع في الذي وقع فيه ذاك الإنسان الإمعة. ما يشيع بين الناس هو لا يستطيع أن يميز أن ما شاع بين الناس من الشر من الخير لكن ما دام رسم لنفسه منهاج هو أن ما هو شائع بين الناس انا اختاره. الناس يحكمون حتى في مستوى الكرة. الناس يحكمون على أن هذا اللاعب جيد، هو يصفق لهذا. فإذا هزم هذا اللاعب انتقل مع الناس إلى تشجيع نادي آخر ولاعب آخر لأنه إمعة. هو لا يختار اللاعب الجيد والدكتور الجيد والعالم الجيد والخطبة الجيدة ما يشيع بين الناس من الحكم على هذا بالسلب أو بالايجاب هذا معه، يعني لا يملك استقلال لأنه كسول أو لأنه لم يختر لنفسه الباب المناسب للحكم على الأشياء.

في الرواية أيضاً ورد، الترمذي يروي هذه الرواية عن النبي. يعني الإمام الكاظم- عليه السلام- جذور النهي عن أن يكون الإنسان إمعة مأخوذ من هذا الذي روي عن رسول الله. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا تَكونوا إمَّعةً، تقولونَ: إن أحسنَ النَّاسُ أحسنَّا، وإن ظلموا ظلَمنا» يعني لا تطالبني بقيم وفضائل ورذائل، أنا مع الناس! أمس الناس متدينون، أنا مع الناس! بعد فترة الناس غير متدينين، أنا مع الموضة ومع الموجة! هذا إمعة. ما ينبغي للإنسان أن تكون له هذه الشخصية المسحوقة التي فيها بمثابة الريشة التي تكون مع تطير مع الريح يميناً ويساراً لا يقف مُستقلاً. ميّز أولاً! طبعا وهذا ما منّ الله- عز وجل- به علينا في دائرتنا نحن الإسلامية، نحن نفتخر بأن الله- عز وجل- أنزل على رسوله الكريم كتاباً وصفه هو وليس الناس أنه {يَهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ} [الإسراء – 9] وكلّفنا بأن نقرأ يومياً مرات ومرات على الأقل عشر مرات على أقل التقادير. ألا يصلي خمس فرائض؟ هذا لمن يصلي، نحمد الله- عز وجل- على أننا واياكم من المصلين، عشر مرات على الأقل. هذا إن لم نضف إليها النوافل التي يستحب الالتزام بها قدر المستطاع، عشر مرات نقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة – 6]. يعني هناك صراط مستقيم حدد الله -عز وجل- ملامحه. نحن نسأل الله -عز وجل- ونستعينه بأن يفتح عقولنا وقلوبنا على معرفة هذا الصراط والالتزام بالسير وفقاً لهذا الصراط لأن من هدي إليه نجا ومن تخلف عنه هلك وغرق. والتشبيه الذي روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حق بيته، شبّه أهل بيته بسفينة نوح «مَثَلُ أهلِ بيتي فيكُم كسفينةِ نوحٍ مَن ركِب فيها نجا ومَن تخلَّف عنها هلِك» كيف الإنسان يركب هذه السفينة أولا يحدد السفينة في أي مرفأ هذه السفينة رست إلى أين ستتجه ليس مهم أين تتجه المهم أن هذه السفينة هي السفينة المنجية يتولى قيادتها وربانها من نصبه الله -عز وجل- لهذا. النبي (صلى الله عليه وآله  وسلم) حدد «أنا مدينةُ العلْمِ، وعليٌّ بابُها» وبيّن (صلى الله عليه وآله وسلم) أن العطرة والقرآن لن يفترقا. يعني مثل ما أن القرآن يهدي للتي هي أقوم، الذي يسمي الأشياء بمسمياتها كما أراد الله في القرآن الكريم والذين هم الراسخون الذين يعلمون تأويل القرآن يعني يعرفون ظاهر القرآن وباطن القرآن، شهادة القرآن وغيب القرآن. كل ما فيه وفيه تفصيل كل شيء وفيه تبيان كل شيء. لكن ليس عندنا نحن المتعلمون على سبيل نجاة -نسأل الله أن نكون وإياكم كذلك- وإنما عند العالم الرباني أمير المؤمنين -عليه السلام- استفاض بين المسلمين أنه قال: «الناسُ ثلاثةٌ: فعالمٌ رَبَّانيٌّ، ومتعلِّمٌ على سبيلِ نجاةٍ، وهمَجٌ رَعاعٌ».

من هم الهمج الرعاع؟ الإمعة. هذا إمعة، لا هو عالم رباني لأنه لا يدعي ذلك! لأن العالم يُتَبّع ولا يتبع العالم متبوع وليس تابع، ومتعلم على سبيل نجاة. لا يسأل كل أحد ولا يهتدي بهدي كل أحد وإنما يهتدي بمن بان عليه أنه عالم كما أراد الله -عز وجل- له أن يكون كذلك. حتى العلماء لا يؤخذ منهم من كل أحد أي شيء. لذلك أنتم تجدون حتى عامة الناس من المسلمين قد ينتقدون مقالة صدرت من شخص يصنف ضمن العلماء. هل نستطيع أن نقول أنتم أيها العوام لا تنتقدون هذا لأنه عالم؟ لا! حتى هذا العالم قد ينطق بكلام غير علمي لأن ما شاع بين المسلمين واتفقوا عليه صار مُجمع عليه وقد يرقى إلى درجة الضرورة والمتسالم عليه. لو أنّ واحداً من أهل العلم شذّ عن هذه الضرورة وعن هذا المجمع. هل يكون عالم في هذه المسألة؟ شذّ ولا قيمة لرأيه. وبالتالي من حق العامة الذين هم ليسوا من أهل العلم أن ينتقدوه ويقولوا هو أخطأ. لكن ليس لأنهم يعلمون ما لا يعلم لأنه شذّ والتزموا هم بما أراد الله -عز وجل-  لهم أن يلتزموا به. كما إذا خالف نصاً قرآنياً قطعياً، خالف ضرورة من ضروريات الدين، خالف عندنا ضرورة من ضروريات المذهب! حتى وإن كان معمماً! وإن كان كبيراً! وإن كان عمامته كبيرة! وإن أخذ من الألقاب والأسماء ما أخذ! العبرة عندنا الحق، العبرة عندنا الصواب، العبرة عندنا الهداية والهدى.

لذلك يجب على العامة من الناس ألا يسترسلوا في اختيار أي شخص ليكون عالم حتى يتستر من ورائه ويقول أنا قلدت فلاناً من الناس! لأن هناك من قد يتخير في تقليده أو في اتباعه ليس العلم وإنما يقول فتاوى فلان أسهل. نحن لا نبحث عن الأسهل نحن نبحث عن الحق. ما الذي أمر الله -عز وجل- به وما الذي نهى عنه؟ إن كان صعباً تحملناه وإن كان سهلاً حمدنا الله -سبحانه وتعالى- عليه. أما أن نقول إن فلاناً يفتي بفتاوى أسهل، أنت تتبع هواك نعوذ بالله لو أنك فعلت هذا المعنى! لا يُتبع العالم بهذا المقياس وإنما يتبع العالم إذا اجتمعت فيه شروط العلم والعدالة والنزاهة وإلا سيودي بنا إلى الهلاك. يقول الله -عز وجل-  في القرآن الكريم عن فئة من هؤلاء المنحرفين {أَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ} [الجاثية – 23]. ويقول مثلهم {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة – 5]. ومثل ذاك الذي إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، وبلعم ابن ناعورة نموذج! نموذج لمن؟ للعالم المنحرف! وفوق هؤلاء جميعا الشيطان! هذا عالم من العلماء الكبار. لكن هذا العالم الكبير إبليس الكبير شيطان الكبير هذا الذي يؤم جميع الشياطين تكبّر في داخله قال: أنا خيرٌ منه! هذه الأنانية هي التي فتحت له باب التكبر على آدم الذي وصفه الله -عز وجل-  بأنه خليفة الذي أمر الله -عز وجل- الملأ الأعلى الملائكة أن يسجدوا له، هنا يختبر الإنسان إذا كان مستقل استقلالاً حقيقياً. لكن ليس استقلال عن الله وعن الحق. استقلال عن جمهور الناس الذين يكونون هم يشكلون مجموعة من الأمهات إمعة إمعة مع إمعة يتحكم فيهم مجموعة من شياطين الإنس.

نسأل الله عز وجل أن نكون وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، اللهم كن لوليك الحجةِ بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصرا ودليلاً وعينا، حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً.

اللهم انصر الإسلام والمسلمين واخذل الكفار والمنافقين، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وأغن فقرائنا وأصلح ما فسد من أمر ديننا ودنيانا ولا تخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا يا كريم، وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.