حديث الجمعة

حديث الجمعة : «السلوك بين التفلت والانضباط – ٢» .. سماحة السيد حسن النمر

نص الخطبة التي ألقاها سماحة العلاّمة السيد حسن النمر الموسوي بعنوان «السلوك بين التفلت والانضباط -٢» يوم الجمعة 5 جمادى الآخر ١٤٤٣هجري في جامع الحمزة بن عبدالمطلب بمدينة سيهات،

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي .

عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله.

كنا قد شرعنا في الأسبوع الماضي في الحديث عن (السلوك بين التفلت والانضباط).

ولما كان يصادف هذا اليوم ذكرى ميلاد سيدتنا ومولاتنا عقيلة آل أبي طالب عليهم السلام سيدتنا زينب صلوات الله وسلامه عليها، من المناسب أن نقف عند ما روته – فيما نقل في سيرتها الشريفة – وهو أنها سمعت الحسنين عليهما أفضل الصلاة والسلام يذكران عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ” الحلال بَيّن ، والحرامُ بيّن ، وشُبُهاتٌ لا يعلمها كثير من الناس من تَركها صَلُحَ له أمر دينه وصَلُحت له مُروءَته وعِرضه ، ومن تلبّس بها ووقع فيها واتّبعها كان كمن رعى غنمه قرب الحِمى ومن رعى ماشيته قرب الحمى نازعته نفسه أن يرعاها في الحمى ، ألا : وإنّ لكلّ مَلِكٍ حِمى ، وإنّ حمى الله محارمه”.

هذا النص الشريف الذي روته السيدة زينب عليها أفضل الصلاة والسلام – لو أردنا أن نقف على ما هو المغزى منه، وما يريد أن يقف بنا عليه، يكفي أن نقف على سيرة سيدتنا زينب عليها أفضل الصلاة والسلام، والتي طبقت هذا الحديث قولاً وعملاً.

الإنسان، إذا شرّع الله عز وجل له الحلال والحرام وأذن له أن يرتكب ما عنون بالحلال وحال بينه وبين أن يقع في الحرام، يعني أن يكون سلوكه منضبطاً غير متفلت. وأن يكون السلوك منضبطاً يعني أن يكون الإنسان واضعاً نصب عينيه ما أحلّه الله فيعمله. وعنوان الحلال يدخل فيه الواجب والمستحب والمباح. والمكروه ايضاً لكن المكروه أقرب إلى الحرام لكنه لا يعاقب عليه. والحرام هو ما حظر الله عز وجل أن يُفعل وهدد عليه بالعقوبة.

الله سبحانه وتعالى لا يريد أن يتحكم في الناس اعتباطاً! لا ينقصه سلطان ولا ملك. وإنما وضع هذه الشريعة التي لا يستغني الناس عنها  إذا ما أرادوا أن تستقيم حياتهم. يعني عدل الله ولطفه وفضله وكماله ومصلحة العباد تقتضي أن يضع لهم الشريعة، لما ذكرناه فيما مضى أن العلم الكامل لله، القوة الكاملة لله، العزة الكاملة لله، اللطف الكامل عند الله، الإنسان، فهم من فهم، ومن لم يفهم فليكن هذا شأنه.

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}.

نحن لسنا في حاجة إلى الله من أجل أن يوجدنا فقط! بل من أجل أن نعيش، من أجل أن ننمو، من أجل أن نضمن لأنفسنا سعادة لا نعرف أسبابها، ولا نعرف ما الذي يحول بينها بشكل كامل.

الله سبحانه وتعالى من خلال الشريعة هو الذي يحدد لنا أن هذا يصب في مصلحتنا، وينمو بنا، وهذا يضرنا ويعيق حركتنا.

تجدون – مثلاً – كثير من الناس يقول لدينا عقول! ونحن لسنا في حاجة إلى من يكون وصياً علينا!

وهذا كلام عاطفي، كلام قريب من الشعارات!

لو سألت هذا الذي يكرر هذا الكلام: طفلك هل تمارس معه هذه المقولة؟! يعني طفلك الصغير هل تقول له أنت عندك عقل وافعل ما يحلو لك وما يهديك إليك عقله؟ سيجيبك: كلا، هو طفل. لكن يغفل عن أنك أنت أيها الإنسان الزاعم أنك عاقل أنت طفل أمام الله أنت طفل. الإنسان الذي لا يعلم الغيب فيما مضى وفيما يأتيه هو قاصر. فإذا كان قاصراً يجب أن يرجع إلى الكامل. والكمال في الناس متفاوت. مثل ما أن العدل لا يعني أن نعطي الناس أو أن يأخذ الناس قدراً متساوياً في كل شيء. لو كان لدينا طفل صغير قامته صغيرة. وإنسان كبير راشد هل نعطي الغذاء لهذا الطفل بقدر ما نعطي الكبير، والكبير بقدر ما نعطي الصغير؟ أو نلاحظ حاجة الطفل ونموه وحاجة الكبير للغذاء، فقد نغير صنف الطعام بشكل كامل. هذا الطفل الصغير إذا لم يكن لديه أسنان، من الظلم أن نعطيه الغذاء الذي يحتاج إلى مضغ لا يستطيع أن يمضغه. وذاك الكبير في السن إذا كان مريضا ليس من العدل أن نعطيه ما لا يناسب سنه ومصلحته، معدته لا تستطيع أن تهضم هذا الطعام. أسنانه الساقطة لا يستطيع أن يأكل. قد نعطي هذين الإثنين غذاءً واحداً، وإذا كانا مريضين قد نعطيهما علاجاً واحداً، وقد نمايز بينهما كما نمايز بينهما في المقعد. يعني إذا أردنا من شخص أن يتكلم على منصة الطويل له موقف. والقصير في قامته له موقف. الطويل يحتاج أن نرفع له الميكروفون. والقصير في قامته يحتاج أن نضع له شيء يقف عليه حتى يرتفع إلى الميكروفون. كذلك العدل، نحن نذهب إلى الخياط تذهب تأخذ أي ثوب من الثياب؟ أو تطلب منه أن يقيس البدن يقيس بدنك فيلبسك ويخيط لك من الثياب ما يناسب بدنك في طولك وفي عرضك. كذلك فيما يتعلق بالقوانين والتشريعات. الله سبحانه وتعالى اللطيف بنا العالم بما يصلح أمرنا. هو الكفيل بان يجعل لنا دينا يصفه بانه الكامل، ولذلك قال: }الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا{ لو أن الناس كانوا قادرين على أن يضعوا لأنفسهم ديناً ما احتاج الأمر إلى أن يتدخل الله فيجعل الدين ويكون هو المتولي لإكمال الدين ولإتمام النعمة. وإنما هذا شأن الله. هناك شيء يرتبط بذات الله وسلطانه نتصرف في سلطان الله عز وجل بما لم يأذن لنا أن نتصرف في سلطانه. والأمر الآخر يرجع لنا نحن هل ندرك نحن تمام مصلحتنا؟ لم فرض الله عز وجل علينا خمس صلوات فقط وبهذه الأعداد المعينة من الركعات لا نعلم ليس لنا إلا التسليم. لذلك هذا النص الشريف الذي ترويه سيدتنا ومولاتنا زينب عليها السلام عن رسول الله. هو لا يتكلم عن أن الحلال بين في ذاته لأنه هو في ذاته حلال. الله عز وجل سمى الحلال حلالاً وبيّنه. وسمّى الحرام حراماً وبيّنه. وحظر على الناس أن يتجاوزوا هذا الجانب الذي سماه الحرام وأذن للناس أن يتصرفوا في الجانب الآخر ووصفه بأنه حلال لو أن الإنسان تلاعب بهذا المخطط إلالهي والخارطة إلالهية يكون قد اعتدى على الله عز وجل. والعدوان على الله عاقبته وخيمة جداً.

آخر النص ماذا يقول؟ “وإن حمى الله محارمه”. الحق سبحانه وتعالى حينما يقول واصفاً نفسه في القرآن الكريم بأنه لا يحب المعتدين. يعني المعتدين عليه، لا، المعتدين عليه وعلى خلقه مثل ما أننا لا نرضى أن يتجاوز علينا أحد في أبداننا وفي أعراضنا وفيما نملك، كذلك الله عز وجل لا يحب ولا يرضى أن يعتدي أحد على حدوده. مكة المكرمة، الحق سبحانه وتعالى هو الذي حرم على الناس أن يدخلوها بغير إحرام. معتمرين أو حجاجاً. فلو أن احداً تعمد أن يذهب إلى هذه المنطقة المقدسة التي حرم الله عز وجل للناس أن يدخلوها إلا بهذا الوصف، يكون قد اعتدى على الله. والعدوان على الله ليس بالضرورة أن تنقص من سلطان الله، سلطان الله عز وجل لا يقلل منه أن يعصيه العاصون ولا يزيد في ملك الله عز وجل أن يطيعه المطيعون. وإنما هو عنوان اعتباري من جهة ويضر الناس من جهة أخرى لو أنهم اعتدوا عليه. طبعاً هناك قراءتان عبر التاريخ منذ أن خلق الله عز وجل الناس بعد نزول آدم كان هناك هابيل وهناك قابيل. هابيل يمثل العبد الصالح الذي يخاف الله وقابيل يمثل الإنسان المتمرد الذي يحب أن يتغلب بالحق أو بالباطل لا فرق عنده. المؤمن الذي بعث الله عز وجل الأنبياء من أولهم إلى آخرهم. إنما جاءوا من أجل أن يكون الناس جميعاً مستجيبين لله. }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ{. ثم وصف الحق عز وجل كما في سورة الأنعام يقول: }قُلْ ‌إِنَّ ‌هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٧١) وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ{.

هناك دعوات ومدارس يعارض بعضها بعضاً. كل طرف، كل صاحب تيار، يقول أنا أهديك. لكن القرآن الكريم صريح. إذا تعارضت الآراء والأفكار، الهدى هدى الله يجب أن يتبع ما يقوله الله عز وجل. هذا ينبثق من إيماننا بالله. ولذلك من لم يؤمن بالله لا فائدة أن تتكلم معه في الحلال والحرام. إنما يتكلم الناس ويُكلم الناس بلغة الحلال والحرام في دائرة من آمن بالله وصدق رسول الله. أما من لم يؤمن – حقيقة – لا فائدة في الكلام معه بل قد يظهر الإنسان إيمانه بالله وبرسوله. لكن في ثنايا كلامه وفي سلوكه ستجد أنه لا يؤمن بالله. يعني مثلاً الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام، الذي تواتر عند جميع المسلمين أن “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأنهما ريحنتاه من الدنيا”. كيف يجتمع الإيمان بهذه المقالة وبين أن يجتمعوا على قتل الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام؟ كيف نتصور أن ذاك المعسكر يريد أن يصلي وفي صلاته سيصلي على الرسول وعلى آله، وآله في الطرف الآخر يستعدون ليقتلوهم ويهتكوهم بما فيهم السيدة زينب عليها أفضل الصلاة والسلام؟! هذا يكشف عن أن هناك فهماً منحرفاً لو حسنت النوايا، أو أن هناك كفراً مستبطناً لا يجرؤ هؤلاء أن يعرفوا به.

الشريعة لا يحكم بها الصغار دون الكبار حتى الأنبياء محكومون بشريعة الله. لاحظوا قول الله عز وجل في سورة آل عمران، يقول: }وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ{ الغلول هو أخذ شيء من الغنائم من دون إذن، سرقة غير مشروعة. }يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١٦١) ‌أَفَمَنِ ‌اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢) هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ{. فإذاً القانون حاكم على النبي ومن دون النبي لا فرق بين هذا وذاك. يأمرنا الله عز وجل بطاعته وبطاعة رسوله.

لكن لنقرأ نموذجاً آخر من النماذج التي عانت منه سيدتنا زينب عليها أفضل الصلاة والسلام. يعني يفترض بالإنسان إذا وضع الله عز وجل بين يديه شريعة نظرياً، وسمى أشخاصاً عملياً، قال هؤلاء هم يمثلون الشريعة. هؤلاء لا تعلمّوهم فأنهم أعلم منكم. لا تعادوهم حتى تهلكوا، وسماهم، عينهم، هم آله صلوات الله وسلامه عليهم. ضمن للأمة أن تأمن من الظلال إن أحبتهم وودتهم وتعاملت معهم بالحسنى. لكن، إذا ساروا في الدرب الآخر ماذا سيكون مصيرهم؟ فلنقرأ جذور ذلك. يروي الشافعي في كتابه الأم، وابن حنبل في كتابه المسند، وابن ماجة في سننه، وابن شيبة في مصنفه، وآخرون بأسانيد عن عبدالله بن عمرو – أي عمرو بن العاص – قال: “كنتُ أكتبُ كلَّ شيءٍ أسمعُهُ من رسولِ اللهِ صلى الله عليه [وآله] وسلم وأريدُ حفظَهُ، ‌فنهتني ‌قريشٌ عن ذلك!” هذا الكلام في المدينة مو في مكة. يعني الذي نهاه ليس قريش الكفار، قريش المسلمون نهته عن أن يكتب عن رسول الله عن رسول الله. “قالوا: تكتبُ كلَّ شيءٍ تسمعه من رسولِ اللهِ صلى الله عليه [وآله] وسلم، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه [وآله] وسلم يتكلمُ في الرضا والغضب؟!” نحن وأنتم  إذا تكلمنا في الرضا، يؤخذ كلامنا لكن إذا تكلمنا في الغضب يُتحفظ على كلامنا، قد نكون نقصده وقد لا نقصده ثم نعتذر نقول اسمح لي أنا كنت في حالة غضب ما كنت أعني هذا الكلام رسول الله لا ينطبق عليه هذا القانون هو تحت رعاية الله المطلقة. هو في مقام التشريع هو في مقام الإدارة للأمة والقيادة. يقول: قال: فأمسكت يعني كف عن الكتابة عن رسول الله. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فأشار بيده إلى فيه يعني إلى فمه الشريف. قال: فأمسكتُ! فذكرتُ ذلك للنبيِّ صلى الله عليه [وآله] وسلم! فأشار بيدِهِ إلى فيه، فقال: اكتبْ، فوالذي نفسي بيدِهِ! ما يخرجُ منه إلا حقٌّ” [مصنف ابن أبي شيبة 5/313، برقم (26428). ورواه غيرُهُ].

النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشار – بل يكاد يصرح في هذا – أن قريشاً الذي نهتكَ هي لم تفقه معنى النبوة، ولم تعرف مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم. النبي حتى لو كان لو قرأنا شخصيته وسيرته كما لو لم يكن نبياً، ما يخاطب بمثل هذه اللغة. نحن علماء عاديون، علماء عاديون نذهب إلى خدمتهم تلتقي بهم توصي من يكون معك أو تكون معه على أن يسكت، تقول له انصت لما يقول هذا عالم ليس كلاماً عادياً. كيف إذا كان الذي نسمع منه الكلام هو شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم، نافذتنا إلى الغيب، سفيرنا إلى الله، سفير الله عز وجل إلينا، باب رحمة الله عز وجل. هل هذا يوصف بهذا الوصف؟ أنه يتكلم في الرضا والغضب! يعني من يكون القيم حينذاك على أن كلام رسول الله يؤخذ ولا يؤخذ. لن يكون النبي وإنما ستكون قريش. هي التي تحدد أن هذا الكلام يؤخذ أو لا يؤخذ. ولذلك سارت في هذه السيرة فمنع كتابة حديث النبي صلى الله عليه وآله. وتتكرر في هذه الأيام هذه المقالة، لسنا ملزمين بالحديث نحن ملزمون بالقرآن الكريم. ويكذبون إذا قالوا هذا لأن القرآن الكريم يؤكد على أن كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجة، وإنما هي أو هو جسر يراد أن يسار عليه حتى يقولوا نحن في حل عن شريعة الله عز وجل وأحكامه. وبالتالي، ما تهدينا إليه عقولنا، ثم إذا سألته تقول العقل حجة عند البشر. تقول له عقلي أو عقلك، عقل فلان أو عقل فلان؟ يأتي بالجواب الغامض قال نحن عندنا عقول نعلم نعم أولسنا عقلاء جميعا ونختلف؟  إذا اختلف العقلاء من يكون الحكم؟ أنا أكون حكماً عليك أو أنت تكون حكم علي؟ أو أنا عندي شريعة وعندي عقل، وأنت عندك عقل وعندك شريعة! ثم يقول هذا نحن نتفق على أن الإثنين زائد اثنين تساوي أربعة. مثل ما أننا لن نختلف هنا لن نختلف هناك. الجواب كلا. حتى المسائل التي تعرض على العقل يتفاوت الناس فيها، في العفة والستر والحجاب. ألم يختلف الناس العقلاء؟ أشخاص يقولون وهم المتدينون. يقولون الحجاب ضرورة للمجتمع لعفة المجتمع. وآخرون يقولون دعوا الناس أحراراً يمكن للناس أن يكونوا أهل عفة دون أن يكون هناك حجاب. لينتهي الحال بهم إلى أن يكون فعل أجلكم الله فاحشة قوم لوط تصبح حقاً عادياً، أمر طبيعي. لماذا تحرمونهم مما يطالبون به؟ وكأن الله عز وجل خلق هؤلاء على فطرة. وكأن كل التحذيرات التي جاءت في القرآن الكريم وأهلك الله عز وجل قوم لوط بسبب هذا الفعل الشنيع، بالتالي سيكون تلك العقوبة ستكون عقوبة غير مستحقة، عقوبة غير عادلة هذا ما ينتهي إليه الإنسان لو أنه أراد أن يتفلت عما جعله الله عز وجل ضابطاً للسلوك.

وبالتالي، السيدة زينب عليها أفضل الصلاة والسلام في هذا النص الذي نقلته عن رسول، تريد أن تقول أن الأمور في مقدار معين واضحة لا تحتاج، لكن “الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ” مثل ما يتعاملون مع القرآن الكريم. القرآن الكريم فيه محكم وفيه متشابه. يأتون للمتشابه ويغضون الطرف عن المحكم مع أن المحكم هو المهيمن على المتشابه. حينما نقول الله سبحانه وتعالى على العرش استوى الذين يقفون عند هذه الآية، الله على العرش استوى. إذاً هناك كرسي جلس عليه الله ويغفلون عن قول الله عز وجل: }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ{أو }وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{. الإمام الرضا عليه السلام يقول الآية صريحة على هذا الأساس، يبقى وجه ربك يعني سيتلف وسيهلك وكل بدنه ولن يبقى إلا وجه الله. هل هذا ما تريده الآية الشريفة؟ لا، هذا جانب أخذ الإصرار على أخذ المتشابه. فمقولة أن الناس اليوم بلغ بهم النضج حداً كبيراً ما عدنا بحاجة إلى أن نستعير ما جرى عليه الماضون حتى ننظم حياتنا، هذه كلمة حق يراد بها باطل، إذا كان فيها شيء من الحق.

نسأل الله عز وجل أن نكون وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

 

اللهم صل على محمد وال محمد، اللهم كن لوليك الحجةِ بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظا وقائداً وناصرا ودليلاً وعينا، حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا،

 

اللهم انصر الإسلام والمسلمين واخذل الكفار والمنافقين، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وأغن فقرائنا وأصلح ما فسد من أمر ديننا ودنيانا ولا تخرجنا من الدنيا حتى ترضا عنا يا كريم، وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى