مقالات

مناهِلُ الظَمأ .. عاشوراء : جُرحُ الزمانِ الأبدي

العَرشُ
يَفتحُ كَربلاءَ كِتابا
والأرضُ تَلبسُ مَأتَمًا .. ومُصابا

والكَونُ .. أطرقَ
وهْوَ يَلتَحِفُ الشَجَى
ويَخِيطُ من أوجاعِهِ .. جِلبابا

والليلُ ..
يَفتَرِشُ الخِيامَ تَهجُّدًا
ويَخُطُّ كُلَّ جِهاتِها .. مِحرابا

و” العَصرُ ” ..
يَرقَبُ وَقتَ عاشُورائِهِ
وغَدًا .. تُريقَ لهُ السَماءُ خِضابا

والطَّفُّ ..
يَغرَقُ في دُجاهُ .. مُوَدّعًا
رَكْبًا .. ويُمعِنُ في الفُراتِ عِتابا

ويَعيشُ
مِن جَزَعِ السَماءِ .. مُخَيَّمًا
أرخَتْ عليهِ منَ ” السَوادِ ” حِجابا

وعَليهِ ..
أحدَقَتِ ” المَلائِكُ ” عُكَّفًا
لَكَأنَّها اتّخذَتْ مَداهُ .. مَآبا

فَهُنا ” الحُسينُ ”
سِراجُ أشرفِ عِترةٍ
وأعزُّ من عَرَفَ الزمانُ .. جَنابا

ثاوٍ ..
وهَذا الليلُ آخِرُ مَغنَمٍ
ودُجاهُ .. يُزهِرُ قِبلةً و ” كِتابا ”

وتَراهُ ” زَينبُ ”
وهو يُصلِحُ سَيفَهُ
وشَجاهُ .. كانَ يُحيِّرُ الألبابا

بِأبي أبيُّ الضَيمِ ..
يَقرَأُ يَومَهُ
ما سَوفَ يَحمِلُ في يَدَيهِ .. صِعابا

وهُناكَ في الفِسطاطِ
خِدرُ قَداسةٍ
كالجَفنِ .. يَحضِنُ زَينبًا ورَبابا

حَفّتْ بِهِنَّ ..
كَما الشُعاعِ .. حَرائِرُ
فَغدا المكانُُ .. بِقربِهِنَّ مُهابا

أمّا الرِجالُ ..
فقدْ أقَلَّهُمُ الدُجَى
عَشِقوا اللقاءَ فعانَقُوا المِحرابا

” ولهمْ دَوِيّّ ”
لَيسَ يَعرِفُ ما الكَرَى
والليلُ يُؤنسُ من رَجا وأنابا

يا ليَلَ ” عاشوراءَ ”
يا حُجُبَ الشَجَى
هلَّا سَدَلتَ على النهارِ حَجابا

أوَ كُنتَ تَدري
ما تُخَبِّئُ كَربلا ؟
وأراكَ تَجفُلُ .. لا تَحيرُ جوابا !

يا ليَلَ ” عاشوراءَ ”
صُبحُكَ شاحِبٌ
وضُحاكَ .. يَرقَبُ أسهُمًا وحِرابا

ولَدَى الزوالِ ..
تُقامُ آخِرُ ركعةٍ
وتَعودُ تَفترشُ الرِقابُ .. تُرابا

وغدّا يَعيشُ الكونُ ..
أفظعَ مَصرَعٍ
وتَعيشُ بقعةُ كَربلاَءَ .. عَذابا

وغدًا
يَضُجَّ منَ الفَجيعةِ .. هاتِفٌ
يَبكي .. فَيُبكي المُدرِكَ الغَلّابا :

” صلَّتْ على جسمِ الحُسينِ
سُيوفُهُمْ
فغدا لِساجدةِ الظُبا .. مِحرابا ”

ليلة عاشوراء الشهادة ١٤٤٣ هـ
حسين بن ملّا حسن آل جامع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى