مقالات

العبّاسُ : جُودٌ على قارعةِ الظَمأ

علَى جُودِكَ الرّيّانِ
منْ لَوعةِ الظَما
وأَسرارِهِ .. كمْ صَلَّتِ الأرضُ والسَما

وكمْ حارتِ الألبابُ ..
في سِرِّ قِربةٍ
تَهامَتْ – كما تَهوَى – غَديرًا وزَمزَما

وأيُّ لِواءٍ ..
منْ ” عَلِيٍّ ” .. مُقَدَّسٍ
تَوَهَّجَ يومَ الطَّفِّ رَمْزًا .. ومَعلَما

وأيُّ خِباءٍ ..
شاءَهُ السِبطُ .. كَعبةً
إلى ظِلِّهِ ..قَلبُ الصَغيراتِ أَحَرَما

هُنا ..
كانَ محرابًا وغَوثًا .. ورَحمةً
وكنتَ بِهِ السَّقَّاءَ والعِزَّ .. والحِمَى

وبابُكَ ..
بابُ اللهِ .. في طَفِّ كَربَلا
وذِكرُكَ لِلأطفالِ .. يَنسابُ بَلسَما

و ” زَينبُ .. يا عَبّاسُ ”
والجُودُ .. واللِوا
تَلاقَتْ على كَفَّيكَ .. عَهْدًا مُعَظَّما

تَباريحَ أيّامٍ ..
بأفياءِ طِيبةٍ
وعهدًا سَماوِيَّ الحَنايا .. تَصَرَّما

وفي الرُوحِ ..
من ” أمِّ البَنينِ ” .. ارتِعاشةٌ
غَداةَ هَمَى من جانِبِ الغَيبِ ماهَمَى

تَبُثُّكَ من وَجدِ الوَصايا
مَواقِفًا
وتُشرِعُ قبلَ ( النَهرِ ) حُزنًا ومأتَما

وها أنتَ تَطوِي العُمرَ
تَستَقبِلُ الرَدَى
تَمُدُّ إلى عرشِ البُطولاتِ .. سُلَّما

أراكَ ..
وقد جَفّتْ حَنايا مُخيَّمٍ
منَ الماءِ .. حتّى كادَ أنْ يَتَصَرَّما

وضَجَّتْ بِقلبِ الخِدرِ
أوجاعُ نِسوَةٍ
بِ “وا عَطَشاااا ”
حتّى بَكتْ وَجدَها السَما

وجاءتْ بِطفلِ الوَحيِ
ظَمْآااااانَ .. ” زَينبٌ ”
بِأوداجِهِ .. جَفَّتْ منَ اللهفَةِ .. الدِما !

وقَلبُكَ منْ طُهرٍ
وكَفّاكَ .. منْ نَدًى
ورُوحٌكَ لم تبرحْ أعزَّ وأكرَما

تَزُمُّ علَى زَندَيْكَ ..
جُودًا .. ورايةً
وتَحمِلُ ” كَرّارًا ” علَى الجيشِ ضَيغَما

أَعدتَ إلى الأذهانِ
بَدرًا .. وخَيبرًا
تَلُفُّ بِعزمِ “المرتَضَى” الحَربَ مُعلِما

فَرَشتَ الثَرَى قَتلًا ..
وأوردتَهُمْ لَظًى
وأسقيتَهُم كأسًا من الحَتفِ عَلقَما

إلى أن تَشَظَّى العُمرُ ..
في ساعةِ اللِقا
وأصبحَ وِردُ المَوتِ .. أمرًا مُحتَّما

أغاروا على كَفَّيكَ غَدرًا ..
فَجُذّتا
ورَشُّوكَ بالأحقادِ نَبلًا .. وأسهُما

وجُودُكَ .. لم يَسلَمْ
فوالهفةَ الخِبا
وفي عَينِكَ النَوراءِ ..
سهمُ الردَى ارتَمَى

وما كانَ إلّا ..
أن هوَيتَ على الثَرَى
عَفيرًا .. وقد أهوَى عَمودٌ فهَشّما

وجاءَكَ ” مَكسُورًا ” حُسينٌ ..
مُودِّعًا
وقد هالَهُ ما كانَ أشجَى وأعظَما

يُقلِّبُ كَفًّا ..
من هُمومٍ ومن شَجًى
ويندبُ حُزنًا .. ” لا حَمِيٌّ ولا حِمَى ” !

الليلة السابعة من المحرم ١٤٤٣ ه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى