مقالات

البصيرة والحكمة في بناء الوعي الاجتماعي في مدرسة الامام الصادق(ع)

• قمة الحكمة الابتعاد عن فتنة الامويين والعباسيين رغم إلحاح المتحمسين

• بناء المجتمع على العلم والفضيلة واصلاحه أهم
• كل امة لا يترعرع فيها العلم والمعرفة هي امة مترهلة ميتة
عندما نتحدث عن الامام الصادق سلام الله عليه فاننا نسلط الضوء على الجنبة العلمية العظيمة والحوزة العالمية الفريدة، ونتجاوز جنبات قيادية واعية في غاية الدقة والخطورة،
وهذه بحاجة الى تركيز اكبر وقراءة الواقع الاجتماعي والسياسي ببصيرة اوعى، فالمحلل الواعي كما نقرؤه من ائمتنا الاطهار عليهم السلام، هو ربط الاحداث ببعضها البعض وفهم الغايات والأصول النفسية في تحليل اجتماعي سياسي واسع، واستنباط النتيجة الحقيقية للواقع ليكون القرار متكئا على أسس واقعية صلبة، ليعرف الناس أسباب تلك المواقف التي تجرف غالبية التيارات الاجتماعية الواعية منها والعاطفية،
( والتي غالبا ما يجرفها الحماس وتَعجُّلِ الوصول الى الهدف بجهلٍ للواقع وضعفٍ في البصيرة والرؤية)
فتحول السلطة في الامة الإسلامية من بني امية الى العباسيين وكان بعض العلويين جزءا من تلك المعارك، فلم يقبل الامام (ع) باي طرف مد يده للامام عليه السلام للدخول في المواجهة، ولم يجدوا تجاوبا إيجابيا منه، بل كان يرى ان العباسيين ليسوا افضلَ حالا من بني امية، فردّ كل تلك الايدي واعطى العلم والفقه والمعرفة مساحة أوسع، لا خوفا من دهاليز السياسة او ابتعادا عن مسؤولية امته ومريديه، وانما لبناء صروحٍ علمية تنتج علما ومعرفة، فكل امة لا يترعرع فيها العلم والمعرفة هي امة ميتة يعجّل بها الفناء والترهل دون حضوة من وجود او ذكر في الأمم او تخليد في التاريخ وحضارته.
وائمتنا الاطهار ليسوا بصدد فرض واقع بل بناؤه واصلاحه، او إقامة دولة بل لاجل بناء امة، ومادامت الخلافة فيها؛ سواء الاموية او العباسية تخضع للحد الأدنى من الأسس الدينية فهذا قد يكون كافيا مقارنة بما قد يحدثه حركة التغيير وهو يتهجد بكلمات القرآن “ما تسبق من امة اجلها” في ان الواقع قد تصنعه، وقد يكون صنعه بحاجة الى فترة طويلة لا يمكنك بناءه لمواجهة تحديات الواقع، فيفشل مشروع امة وضعت ثقتها بأئمتها.
ان مثلث “القيم والعلم والعمل” تنتج امة قادرة على مواجهة التحديات وصنع الحياة وبناء الذهنية المبدعة والتي تستطيع ان تدمج بين قدرتها العلمية وعمقها الديني والأخلاقي .ان الثوابت الأخلاقية والاتجاهات العلمية يتكاملان جنبا الى جنب وكلما ضعف جانب قوي الاخر وتصبح كلا عناصر الطرفين عنصرا منفردا بالساحة الاجتماعية لا يعطيها التقدم الحضاري المطلوب.

الشيخ حسين البيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى