مقالات

الإمام الكاظِمُ:ضَراعةٌ في مِحرابِ الظلُمات

تَنَفَّسَ قَعرُ السِجنِ
آهاتِكَ الحَرَّى
وَسالَتْ علَى قَيدَيْكَ أََدمُعُكَ الحَمْرا

وناحَتْ علَى ساقَيكَ
سَجّادةُ الشَجَى
وَلاذتْ بِكَ القُضبانُ مُثقلةً قَهْرا

وَأَنتَ تُريقُ اللَّيلَ
نَجوَى ضَراعةٍ
بِطامُورةٍ سَوداءَ قدْ مُلِئَتْ ضُرَّا

وتَسجُدُ مَسكُونًا
بِذِكْرٍ .. وعَِبرةٍ
تُمرِّغُ بينَ القَيدِ جَبهَتَكَ الغَرّا

لكَ اللهُ سجَّادًا
كَسَجّادِ كَربلا
صَبُورًا .. تُقاسي القَيدَ والسُّمََّ والأسْرا

وزِدتَ على بَلواهُ
سَجنًا وغُربةً
وثِقلًا من الأصفادِ صَيّرِهُ عُسْرا

فَدَيتُكَ مِنْ ثاوٍ غَريبٍ ..
مُعذَّبٍ
فَمِنْ كُربةٍ تَمضِي إلَى كّربةٍ أُخرَى

يُجَرِّعُكَ السِّندِيُّ
شَتْمًا وقَسوةٍ
بِكَفٍّ مِنَ الطُغيانِ ما بَرِحَتْ شَرَّا

قُيُودٌ وسَجّانُونَ
والمَوتُ مُحدِقٌ
وأنتَ تُناجِي الرُوحَ تُلهِمُها الصَبرَا

وذابَتْ بِنارِ البُعدِ
أرواحُ مَعشَرٍ
وكمْ حاولَتْ لِلسِّجنِ أن تَجِدَ المَسْرَى

وحِينَ تَدَلَّى المَوتُ
يا سَيِّدَ المَلا
وَقد شاءتِ الأقدارُ أنْ تَكشِفَ السِّرّا

فَرُحتَ تَخُطُّ الجِسرَ ..
يَومًا .. ومَوْقِفًا
وشِيعتُكَ الأبرارُ تَرتَقِبُ الجِسْرا

وغَدْرًا سُقِيتَ السُّمِّ
منْ أرذَلِ الوَرَى
ومَنْ كَبَنِي العَبّاسِ قدْ أَلِفَ الغَدْرا

فَأَسلَمْتَ يا مَولايَ
نَفسًا زَكيّةً
تَنوحُ لها فِي الغَيبِ سَيّدَتي الزَهْرا

فَما راعَهُمْ إذْ ذاكَ
إلّا جَنازةٌ
علَى شَرِّ حَمّالينَ قَد أََورَثَتْ ذُعْرا

وخَشخَشَةُ الأقيادِ
مَرْأًى ومَسْمَعًا
تُقلِّبُهُمْ طَورًا وتَنشُرُهُمْ طَورَا

وها أنتَ فَوقَ الجِسرِ
والحِقدُ يَشتَفِي
لقدَ كانَ يَومًا مِنْ مَصائِبِهِ .. مُرَّا

فَدَيتُكَ مَطرُوحًا
بِهِ يَشمَتُ العِدَى
وتَرفُسُهُ الأشباهُ عادِيَةً.. جَهْرا

وحَولَكَ أَرواحٌ
تَفرَّتْ من الأسَى
تَكادُ مَآقِيها تُريقُ بِها جَمْرا

وَما كانَ إلّا
أنْ حٌمِلْتَ مُعَظَّمًا
ونَعشُكَ في بَغدادَ يَحتَضِنُ الحَشْرا

إلَى اليَومِ
لَم تَبرحْ بِتَشييعِكَ الوَرَى
تَلُوذَ بِنعشِ المَجْدِ تَرفعُهُ فَخْرا

وتَمضي إلى مَثواكَ
حُزْنًا ولَوعةً
تُجَدِّدُ في أكنافِ مَشهدِكَ الذِكرَى

وَتندِبُ خَلفَ الغَيبِ
في الطَّفِّ مَصرَعًا
إلَى الحَشرِ يَبكي الكَونُ أحداثَهُ الحَمرا

وتَهتِفُ بِالمَهْديِّ
ثارًا ونُدبةً
ومن خَلفِها الراياتُ تَخفِقُ .. يا زَهْرا

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى