حديث الجمعة

حديث الجمعة : المؤمنُ في فعلِهِ وردِّ فعلِهِ .. 22-2-1445هـ

المؤمنُ في فعلِهِ وردِّ فعلِهِ

22/2/1445هـ

 

بسم اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدِ الخلقِ وأشرفِ الأنبياءِ والمرسلين محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.

ربِّ اشرح لي صدري، ويسِّر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي.

اللهم اجعل أعمالَنا خالصةً لوجهِك الكريمِ.

***

عبادَ اللهِ! أوصيكم – ونفسي – بتقوى اللهِ، بأن يراعيَ المؤمنُ قواعدَ الإيمانِ ولوازمَهُ، ويراعيَ الإحسانَ وتطبيقاتِهِ في جميعِ أفعالِهِ وردودِ أفعالِهِ، فيُقولبَ ذلك كلَّهُ بقالبٍ إيمانيٍّ.

مدخل:

ولنقدم بين يدي الحديثِ مقدمتين مهمتين:

أولاهما: ماذا نعني بالأفعالِ، وردودِ الأفعالِ؟

نعني بالأفعالِ ما يقوم به الإنسانُ من تصرفاتٍ دون ملاحظةِ ما يقوم به الآخرون.

ونعني بردودِ الافعالِ تصرفاتِهِ التي تقابَل بها أفعالُ الآخرين، أو لوحظ فيه أفعالُهم.

 ثانيهما: هل يلزم المؤمنَ أن يقولبَ أفعالَهُ وردودَ أفعالِه بقالبٍ إيمانيٍّ؟!

الجواب: نعم، فإن حقيقةَ الإيمانِ هو السيرُ على الصراطِ المستقيمِ، وهذا لا ينفك عن تنظيمِ الأفعالِ وردودِ الأفعالِ وفقاً لما رسمه اللهُ تعالى من قواعدَ والتزاماتٍ.

فقد قال عزَّ وجلَّ {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة: 105].

وقال سبحانه {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 1 – 8].

***

بعد هاتين المقدمتين، لنتوقف وإياكم – أيها المؤمنون – على قولِ اللهَ تعالى – في سورة النحل – ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ ‌اللَّهَ ‌مَعَ ‌الَّذِينَ ‌اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ [النحل: 125 – 128].

إن هذه الآياتِ الكريماتِ تضمنت مجموعةً من قواعدِ الإيمانِ ولوازمِهِ، التي تعرِّف المؤمنَ ما يجب عليه أن يراعيَهُ في أفعالِهِ، وردودِ أفعالِهِ. لا فرقَ في ذلك بين ما كان منها مع صديقٍ أو عدوٍّ، ولا بين ما كان للدنيا والآخرةِ.

وذلك بعد الانطلاقِ من أن الدعوةَ إلى سبيلِ الربِّ تعالى هو أمرٌ مسلَّمٌ، فهو دينُ الحقِّ، وهو الصراطُ المستقيمُ، وعمادُهُ مرتكزان هما: التحلي بالفضائلِ، والتخلي عن الرذائلِ، على طلبِ الخيرِ، ونبذِ الشرِّ، وإحقاقِ الحقِّ، وإبطالِ الباطلِ.

ولنقف على تلكم القواعدِ ضمن الدوائرِ التاليةِ:

الدائرة الأولى: مراعاةُ الإحسانِ في التخاطبِ مع المختلف في الدينِ والمذهبِ

ومراعاةُ الإحسانِ هنا هي ما أشارت إليه الآيةُ بعناوينَ ثلاثةٍ:

أولها: الدعوةُ إلى سبيلِ الربِّ بالحكمةِ

ثانيها: الدعوةُ إلى سبيل الربِّ بالموعظةِ الحسنةِ

ثالثها: الجدالُ بالتي هي أحسنُ

وهذه العناوينُ تشير إلى ثلاثةِ أساليبَ لا غنى عنها في فعلِ الدعوةِ؛ تبعاً لاختلافِ المخاطَبين، فإنهم ليسوا سواءً في قدراتِهم الإدراكيةِ، ولا في خلفياتِهم النفسيةِ، ولا في ظروفِهم الأخرى التي تحكمُ وتتحكمُ في ميولِهم في القبولِ والرفضِ.

فالأسلوبُ الأول: هو الحكمةُ

وبيانُهُ: أن من الناسِ مَن يناسبه أن يُدعَى بأسلوبِ الحكمةِ، الذي يعني اتباعَ العقلانيةِ، والتزامَ المنطقِ العقليِّ والعقلائيِّ، في بيانِ المعارفِ والحقائقِ.

ولو دُعي هذا الصنفُ من الناسِ بغيرِ هذا الأسلوبِ لتعذَّر – أو تعسَّر – التأثيرُ عليه.

والمفروضُ أن هؤلاء عقلانيون بحقٍّ، وعلميون بتجردٍ، وطلابُ حقيقةٍ بموضوعيةٍ.

الأسلوب الثاني: الموعظةُ الحسنةُ

وبيانُهُ أن من الناسِ مَن تغلِب عليه العاطفةُ، وتتحكم فيه المشاعرُ، فإن هؤلاء يوعظون وعظاً حسناً.

والوعظُ الحسنُ عنوانٌ عريضٌ يستوعب كلَّ ما يؤثر في النفسِ؛ كالكلمةِ البليغةِ، والصورةِ المؤثرةِ، ونبرةِ الصوتِ المرتفعةِ والمنخفضةِ، ويدخل في هذا الفنونُ على اختلافِها.

وهذا الأسلوبُ هو الشائعُ استعمالُهُ في وسائلِ الإعلامِ، قديما وحديثاً؛ لأن أغلبَ الناسِ وإن كانوا عقلاءَ ومتعلِّمين لكنهم يعتمدون العقلَ والعلمَ ميزاناً في القبولِ والرفضِ.

ومثالاً على ذلك متابعةُ الغالبيةِ للتوافهِ والتافهين مع علمِهم بالتفاهةِ، وحكمِ عقولِهم بقبحِ ذلك.

لكن الآيةَ – أيها المؤمنون والمؤمناتُ – وضعت للموعظةِ وصفاً هو بمثابةِ الشرطِ، وهو أن تكونَ الموعظةُ حسنةً. وهذا الشرطُ يعني أن استعمالَ المؤثراتِ الصوريةِ والصوتيةِ والكتابيةِ غيرَ الحسنةِ هو أمرٌ غيرُ مشروعٍ أبداً.

والمدعوون بهذا الأسلوبِ وسابقِهِ هم المرجوُّ تأثرُهُم بفعلِ الدعوةِ، والمأمولُ استجابتُهم إلى ما يُدعون إليه.

الأسلوب الثالث: الجدالُ بالتي هي أحسنُ

وبيانُهُ: أن قد يكون الطرفُ المختلَفُ معه معانداً، أو متشدداً، أو مشاغباً، أو قويَّ الحجةِ في الدفاعِ عن باطلِهِ، فإن مثلَ هذا لا ينفع معه الدعوةُ بالحكمةِ، ولا تؤثر فيه الموعظةُ الحسنةُ، فلا بد من اعتمادِ أسلوبٍ ثالثٍ، وهو مجادلتُهُ، بأن تُقرَعَ حجتُهُ بحجةٍ دامغةٍ، ويقابَل برهانُهُ ببرهانٍ أفضلَ منه، وبيانُهُ ببيانٍ أبلغَ منه.

وهنا – أيضاً – يلزم مراعاةُ شرطِ الإحسانِ، بل يجب مراعاتُهُ بأدقَّ من مراعاتِهِ في ما سبق، لذلك اختير صيغةُ أفعلِ التفضيليةُ، فقال اللهُ تعالى {أحسن}، ولم يكتفِ بوصفِهِ بمطلقِ الحـُسنِ.

ولذلك سببٌ، وهو أن الإنسانَ في حالةِ المجادلةِ قد تتحكم فيه مشاعرُهُ، فيخرجَ عن مقتضيَاتِ الحوارِ الموضوعيِّ فلا يراعي الحقَّ والإنصافَ، فيسيءُ إلى نفسِهِ وإلى دينِهِ ومذهبِهِ من حيث يريد ولا يريد.

واخيراً، فإن على الداعي إلى سبيلِ الربِّ أن يعملَ بما كلف به، سواءٌ تحقق ما يصبو إليه أو لا، ولعل هذا هو السرُّ في أن اللهَ تعالى ختم الآيةَ بقولِهِ {.. إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.

 الدائرة الثانية: دائرة ردِّ الفعل، وهي الإحسانُ عند التخاصمِ

إن المؤمنَ يحكمه إيمانُهُ بأن يعدلَ مع عدوِّهِ كما يعدل مع وليِّهِ، ولا يظلمَ من يسيءُ إليه كما لا يظلم مَن يُحسن إليه، وفي هذا يقول اللهُ تعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ..}.

فالمعاقبةُ ردُّ فعلٍ محكومٌ بالإيمانِ، فلا عقوبةَ تتجاوز الجرمَ، وإلا فإن المظلومَ سيتحول إلى ظالمٍ.

ومن هنا فقد فُصِّلت العقوباتُ في الفقهِ الإسلاميِّ – وهو قانونُ المؤمنِ – مراعى فيها العدلُ والإنصافُ، والتقوى والإحسانُ.

ثم إن الآيةَ – أيها المؤمنون والمؤمناتُ – حضت على ما هو أفضلُ عند اللهِ تعالى من مقابلةِ المسيءِ بمثلِ إساءتِهِ، وذلك بالدعوةِ إلى الصبرِ فقال عزَّ وجلَّ {.. وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}.

وليس هذا دعوةً مطلقةً للصبرِ على إساءةِ كلِّ مسيءٍ، ولا إلى تحملِ كلِّ إساءةٍ، بطبيعةِ الحالِ، فإن النصوصَ الأخرىِ، وفعلَ أسوتِنا رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وآلِهِ الطاهرين (عليهم السلام)، تؤكد على أن المعاقبةَ مطلوبةٌ بنحوِ اللزومِ في بعضِ الحالاتِ.

الدائرة الثالثة: التوازن النفسيُّ

ولما كان الفعلُ والردُّ الفعلِ ليسا سوى أثرين بما يعتمل في النفوسِ، حتى قال ﴿إِنَّ اللَّهَ ‌لَا ‌يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11]  فإنه تعالى بيَّن أمرين مهمين:

أولهما: أن فضيلةَ الصبرِ لا يوفق إليها إلا مَن استعان باللهِ تعالى وأعانه، فقال – مخاطباً نبيَّهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) – {.. وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ..}.

وثانيهما: أن النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) – وما جاء به من حقٍّ – منصورٌ على مَن عاداه، وأن أولئك الأعداءَ الذين حزن رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم لأنهم لم يؤمنوا، لم يكونوا يستحقون أن يحزنَ عليه، فقال {.. وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}.

وأخيراً، فقد ختمت الآياتُ بما يُعدُّ خلاصةً لِما أراد اللهُ تعالى تقريرَهُ من قواعدِ الإيمانِ ولوازمِهِ، فقال {إِنَّ ‌اللَّهَ ‌مَعَ ‌الَّذِينَ ‌اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾.

وأن يكونَ اللهُ عزَّ وجلَّ مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، فإن هذا يعني أن أبوابَ الخيرِ لهم مفتحةٌ، وأن أسبابَ التوفيقِ لهم متاحةٌ.

وقد بيَّن الإمامُ عليٌّ (عليه السلام) في موعظةٍ له كيف يكون الناسُ من هؤلاء فقال في ما روي عنه:

“أيها الناسُ! استصبحوا من شعلةِ مصباحٍ واضحٍ، وامتاحوا من عينٍ صافيةٍ، قد روِّقت من الكدرِ، وامتاروا[1] من طورِ الياقوتِ الأحمرِ، فلعمري ما فوِّض إليكم!

واعلموا أن الذي هو أعلمُ بكم لو وقفتم ببابِهِ، وقلدتموه الأمرَ هداكم، فليس المعروفُ كلَّ ما عرفتموه، وليس المنكرُ كلَّ ما أنكرتموه، فلربما سميتم المعروفَ منكراً، وسميتم المنكرَ معروفاً، واحتجتم إلى رأيِ البائسِ الفقيرِ الذي يحدث الرأيَ بعد الرأيِ، يريد أن يُلصقَ ما لا يَلتصقَ، ينقضُ رأيُهُ ما قد أبرمه آلُ الرسولِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويَهدم ما قد شيدوه لكم، ولو سلمتم الأمرَ لأهلِهِ سلِمتم، ولو أبصرتم بابَ الهدى رشدتم.

اللهَ اللهَ! عبادَ اللهِ! ألقوا هذه الأزمَّةَ إلى صاحبِ الأمرِ عفواً، ولا تقيسوا هذه الأمورَ بآرائِكم فترتدوا القهقرى على أعقابِكم، ولا تتكلوا على أعمالِكم خوفاً مما في غبِّ أناتِكم، ولا تزولوا عن صاحبِ الأمرِ فتذقوا غبَّ أفعالِكم؛ ألا فتمسكوا من إمامِ الهدى بحجزتِهِ، وخذوا ممَن يهديكم ولا يضلكم، فإن العروةَ الوثقى تفوتكم، إن اللهَ مع الذين اتقوا والذين‏ هم‏ محسنون‏”[2].

جعلنا الله وإياكم من الذين اتقوا والذين هم محسنون، وممن يستمعون القولَ فيتبعون أحسنَهُ.

***

اللهم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ.

اللهم كن لوليك الحجةِ بنِ الحسنِ، في هذه الساعةِ، وفي كلِّ ساعةٍ، وليّاً، وحافظاً، وقائداً، وناصراً، ودليلاً، وعيناً؛ حتى تسكنَهُ أرضَك طوعا، وتمتعَهُ فيها طويلاً.

اللهم انصر الإسلامَ والمسلمين، واخذل الكفارَ والمنافقين.

اللهم مَن أرادنا بسوءٍ فأرده، ومَن كادنا فكِده.

اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وأغنِ فقراءَنا، وأصلِح ما فسَد من أمرِ دينِنا ودنيانا، ولا تُخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا، يا كريمُ.

وصلى اللهُ على سيدِنا ونبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.

 

 

[1] من الميرة بمعنى الطعامِ. والطورُ ما كان على الشيءِ أو بجانبِهِ.

[2] المسترشد في إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام، ص 404؛ مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة)، الميرجهاني، 1/ ١٤٦.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى