نحيبٌ على مَفارقِ الرَحيل

أقامَ الشَجَى الحَرّانُ
يا سَيّدَ الوَرَى
على بابِكَ القُدسِيِّ يَنعاكَ مّخبِرا

يُحَدِّثّ عن يومٍ
تَشَظَّى فَواجِعًا
وأوغَلَ فيهِ الحُزنُ حَتّى تِجَذّرا

هُنا حَيثُ أَبوابِ السماواتِ
فُتِّحَتْ
فَكانِ لها جُرحًا منَ الكَونِ .. أَكبرا

ومَدَّتْ لهُ الأفاقُ
طَرْفًا مُرَوَّعًا
فكانَ لأوجاعِ النُبوّاتِ .. مِنبَرا

وحَفَّتْ بهِ الأملاكَ
في مَأتَمِ الأسَى
وقد صارَ لِلندبِ السَماوِيِّ .. مَشعَرا

وعَجَّتْ بما عاشَتْ
منَ الفَقدِ طَيبةٌ
كأنَّ عليها نافِخُ الصُورِ كَبَّرا

هُنا بَيتُكَ المَثكُولُ
منْ حُزنِ فاطِمٍ
تَهاوَتْ على أعتابِهِ أوثَقُ العُرَى

كأنّي بِبابِ الدارَ
يَستَشرِفُ المَدَى
ويَتلُو على الآفاقِ خَطبًا مُقدَّرا

ويَقرأُ ما يَجري
على بَضعةِ الهُدَى
وكيفَ تعيشُ الدارُ يَومُا مُجَمَّرا

وكيفَ يَجِدُّ القَومٌ
في ظٌلمِ فاطِمٍ
كأنْ لمْ تكُنْ يَومًا من العَرشِ كَوثَرا

وأنتَ بِفُرشِ المَوتِ
يَغتالُكَ الضَنى
تَمُدُّ إلى أهلِيكَ قَلبًا مُفَطَّرا

ورأسُكَ في حِجرٍِ
تَفَرَّى منَ الأَسَى
لقدْ كانَ من حُزنِ السَماواتِ أكبَرا

عليٌّ .. وهلَ في الكَونِ
صَبرٌ كَصَبرِهِ
لقد كانَ من كلِّ النَبييّنَ .. أصبَرا

ورُحتَ تَشُدُّ العَهدَ
في كَفِّ ضَيغَمٍ
تَحارُ بهِ الألبابُ من هَولِ ما يَرَى

علَى قلبِهِ المَكلُومِ ..
تُلقِي مَصاااائِبًا
تُجَرِّعُهُ الأرزاءُ كأسًا مُصَبَّرا

مَواثِيقُ في خُمٍّ ..
وما أقربَ المَدَى
لقد كُنَ مِن أدنَى النِهاياتِ .. أقصرا

وعَيناهُ كالمِيزابِ
حُزنًا .. ولَوعةً
تُريقانِ دمْعًا مِن لَظَى القلبِ .. أحمَرا

تَخُطُّ له
ما سَوفَ يَلقاهُ في غَدٍ
وكيفَ يُريعُ القَومُ بيتًا مُطَهَّرَا

وتُوصِيهِ بِالزهراءِ
والوَجدُ جاثِمٌ
يُجَمِّرُ مِن أوجاعِها .. ما تجَمَّرا

وَشِبلاكَ في جَنبَيكَ
رُوحانِ مِن شَجًى
ندبتَهًما في الغَيبِ سُمًّا ومَنحَرا

وعادَ جَبينُ الوَحيِ
يا سِيّدَ المَلا
يُريقُ على خَدَّيكَ دُرًّا .. وجَوهَرا

وذا قابضُ الأرواحِ
في كَفِّهِ الرَّدَى
يُعالِجُ رُوحًا .. ما أرقَّّ وأطهَرا

فأسلمتَها طَوعًا
إلى العرشِ تَرتَقي
وفاضتْ .. فوا حُزناهُ يا سيّدَ الوَرَى

فما عاشتِ الأيامُ
رّزءًا .. وفادِحًا
يَلوحُ لأحزان السماواتِ .. مَظهَرا

كَيَومِكَ يا خيرَ النبييّنَ
والدُنَى
تُجلِّيهِ في أقسَى الجِراحاتِ .. مِنبرا
——