مقالات

استراتيجية المواقف الحسنية

وقفة الوفاء

في هذه الليلة الحزينة وهي الليلة السابعة من شهر صفر ..

يحيي فيها الموالون الكرام في كل أنحاء المعمورة

ذكرى استشهاد سيدنا ومولانا الإمام الحسن المجتبى ( صلوات الله عليه وآله )

والذي تقلد منصب الإمامة بعد استشهاد والده الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( صلوات الله عليهما )

وكان جديرا بالقيام بأعباء الإمامة وقيادة الأمة خير قيام

فهو إمام معصوم وأفعاله وأقواله كلها موافقة للحكمة .

وإمامته..( عليه السلام )..منصوص عليها من الله سبحانه وتعالى عن طريق جده رسول الله ( صلوات الله عليه وآله )

ولقد هيأ الجيوش لحرب معاوية ليواصل مشواره الجهادي ضد الخارجين على القانون

والمتمردين على الإمامة والقيادة الشرعية

وكما روي عن الرسول ( صلوات الله عليه وآله ).. ( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا )

ولكن الظروف الصعبة التي عاشتها الأمة من فرض الحروب الثلاثة المتواصلة

والتي شُنت على أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه وآله )

وصارت سببا في تمزيق الأمة وتفرقها أحزابا وشِيعا

وكذا الحملات الإعلامية الأموية المضللة والتي قادها معاوية ضد أمير المؤمنين ( عليه السلام )

والحملات العسكرية ضد الموالين لأهل البيت وكذا خيانة بعض القادة العسكريين

كعبيد الله ابن العباس والذي التحق بمعسكر معاوية هو وجماعة من الجيش معه

فباعوا دينهم بدراهم معدودة وصاروا أعوانا للظلمة على علم وعمد ..

كل هذه العوامل وغيرها دفعت الإمام الحسن ( صلوات الله عليه وآله ) بقبول الهدنة والمسماة بصلح الحسن .

ولقد استعجل بعض المقربين منه..( عليه السلام )..بعدم قبولهم بهذه الهدنة وأن فيها ذلة وخضوع واستسلام لمعاوية

.. وغاب عنهم أنه إمام معصوم وقد كشف الله له عن حجب الغيب

فهو إنما قبل بالهدنة حفاظا على البقية الباقية من أتباع أهل البيت ( عليهم السلام ) كما هو مضمون بعض الروايات المعصومية ..

فالظروف لا تساعد على القيام بعمليات عسكرية بعد أن دبَّ الضعف والوهن والخذلان في صفوفهم

وكانت قلوبهم معلقة بالدنيا إلا القليل القليل ممن ثبت على الحق ..

وقد سقي السم مرارا وتعرض للإغتيال أيضا من الطابور الخامس المندس في الأمة

فصارت الخطة الحسنية الحكيمة أن يقبل الامام بالهدنة

بشروط وضعها وبينها وقبل بها معاوية

وهو الإمام العالم بأن عدوه لن يلتزم بها أبدا

ولكنه أراد تعرية هذا الرجل المتستر بالاسلام وبالقرآن الكريم .

لإقامة الحجة عليه وعلى الأمة المخدوعة به

وهكذا انتقل الإمام بحنكته السياسية وعلاجه للمواقف المهمة

من المواجهة المسلحة إلى حرب أخرى وهي الحرب الباردة كما يسمونها في هذه السنين ..

لتعرية بني أمية وأنهم ليسوا أمناء ( لا على الدين ولا على الدنيا )

فعرى ذلك الأموي المتمرد وأنه إنما يحارب حبا للسلطة

وقد صرح بهذه العقيدة الجاهلية بعد دخوله الكوفة

بقوله ( ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولكن لأتأمر عليكم )

ثم أكد على عقيدته الجبرية بقوله :- وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون

.. وهو كذب صريح على الله المنزه عن الظلم وفعل القبيح

..ومع هذه الهدنة المفروضة ولكنهم لم يتركوه للقيام بدوره العلمي والارشادي والتعليمي

فإن في وجوده خطرا يهدد مصالحهم الدنيوية

فتآمروا على تصفيته وأوكلوا ذلك لزوجته جعدة بنت الأشعث

فنفذت مخططهم الغادر بأن سقته اللبن الممزوج بالسم وقد كان روحي له الفداء صائما

فمات شهيدا مسموما مظلوما على مرأى ومسمع من الأمة الاسلامية

والتي لم تحرك ساكنا لنصرته ونجدته بل رشقوا جنازته بالسهام

وهو فعل شنيع وجائر كشف عن حقدهم الدفين على هذا البيت العلوي الطاهر .

وهكذا يكون دور الزوجة الغادرة إذا تخلت عن دينها وكرامتها

لتقف مع الظالمين ولتحشر مع امرأة نوح وامرأة لوط( عليهما السلام ) يوم القيامة

قال تعالى :- 🍁( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ
كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا
فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) 🍁.. (10)سورة التحريم .🍀

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى