مقالات

صادق أهل البيت

وقفة الوفاء

في هذه الليلة الحزينة وهي ليلة ذكرى استشهاد سيدنا ومولانا (الامام جعفر ابن محمد الصادق) صلوات الله عليه وآله..
يحيي المؤمنون في جميع أنحاء العالم هذه الذكرى المؤلمة ويجددون العهد مع إمامهم العظيم صادق أهل البيت (عليه السلام)..
الذي أوقف حياته الزكية في سبيل حفظ الاسلام العظيم ووقف في وجه التيارات المنحرفة بكل قوة علمية واقتدار وفتح مدرسته العلمية على مصراعيها لتخريج الآلاف من الطلبة ليكونوا دعاة ورعاة لهذا الدين القويم ..
وأثبت في مناظراته العلمية مع شتى الطوائف والفرق المسلمة وغيرها قدرته وإحاطته بالكتاب والسنة وكشف زيف الوضاعين الذين باعوا دينهم ومروءتهم وكرامتهم بدراهم معدودة.. ولكن الحكومة العباسية لم يرقها ما تعاينه من بروز وظهور واقتدار علمي وعقدي لهذا الامام العظيم .. فاختلقت العوائق وأوجدت العراقيل .. وفتحت أبواب العداء السافر أمام هذا الامام الكريم.. وهذا ديدن الظالمين حينما يعجزون عن المقاومة بالبنان يلجؤون للسنان وهو منطق العاجزين والفاشلين.. ولقد حاول المنصور استدراجه بشتى الوسائل ولكنها فشلت أمام هذا الطود الاسلامي الشامخ فبقي صامدا لا تزلزله العواصف ولا تزيله العواصف واثقا بنفسه وبربه الذي الذي أنعم عليه بهذه المقامات والكرامات..
والامام الصادق (عليه السلام) وإن ضويق وحوصر ولكنه واصل مسيرته العلمية إلى آخر رمق من حياته.
ولم يستسلم لطغيان العباسيين الذين فاقوا الأمويين في ظلمهم لذرية رسول الله (صلوات الله عليه وآله)
وموقفه مع المنصور أكبر شاهد على أنه طود نوراني شامخ لا يمكن للدخان المتصاعد أن يحجبه نوره أو أن يسلبه قيمته.
(قال ابن حمدون كتب المنصور إلى جعفر ابن محمد لم لا تغشانا كما يغشانا سائر الناس فأجابه ليس لنا ما نخافك من أجله ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له ولا أنت في نعمة فنهنيك ولا تراها نقمة فنعزيك بها فما نصنع عندك؟
قال فكتب إليه تصحبنا لتنصحنا فأجابه (ع) من أراد الدنيا لا ينصحك ومن أراد الآخرة لا يصحبك فقال المنصور والله لقد ميز عندي منازل الناس من يريد الدنيا ممن يريد الآخرة وانه ممن يريد الآخرة لا الدنيا).
جامع أحاديث الشيعة – السيد البروجردي – ج ١٤ – الصفحة ٤٣٠…من قوقل.

كما كان (عليه السلام).. يربي أصحابه ومريديه على عدم الانجرار وراء المصالح الدنيوية وخصوصا ما يتعلق منها بدعم الظالمين وخدمتهم المشؤومة.

(فعن صفوان بن مهران الجمال، قال: دخلت على أبي الحسن الأول(ع)، فقال لي: يا صفوان كل شيء منك حسن جميل، ما خلا شيئا واحدا، قلت: جعلت فداك أي شيء؟
قال: إكراؤك جمالك من هذا الرجل،- يعني هارون-، قلت: و الله ما أكريته أشرا ولا بطرا ولا للصيد و لا للهو و لكني أكريته لهذا الطريق- يعني طريق مكة- ولا أتولاه ولكن أبعث معه غلماني، فقال لي: يا صفوان أيقع كراك عليهم، قلت: نعم جعلت فداك، فقال لي: أ تحب بقاءهم حتى يخرج كراك، قلت: نعم، قال: فمن أحب بقاءهم فهو منهم، و من كان منهم كان ورد النار، فقال صفوان: فذهبت و بعت جمالي عن آخرها فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني، وقال: يا صفوان بلغني أنك بعت جمالك؟ قلت: نعم، فقال: لم؟ قلت: أنا شيخ كبير، و إن الغلمان لا يفون بالأعمال، فقال: هيهات، إني لأعلم من أشار عليك بهذا، أشار عليك بهذا موسى بن جعفر(ع)،
قلت: ما لي و لموسى بن جعفر(ع)، فقال: دع هذا عنك، فو الله لو لا حسن صحبتك لقتلتك».
معجم رجال الحديث – السيد الخوئي – ج ١٠ – الصفحة ١٣٣… من قوقل
عظم الله أجوركم أيها الموالون في هذه الذكرى الحزينة.
(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى