حديث الجمعة

حديث الجمعة : «ثقافة الأولويات (٤)» يوم الجمعة ٧ جمادى الأول ١٤٤٤ هـ

نص الخطبة التي ألقاها سماحة العلاّمة السيد حسن النمر الموسوي بعنوان «ثقافة الأولويات (٤)» يوم الجمعة ٧ جمادى الأول ١٤٤٤ هجري في جامع الحمزة بن عبدالمطلب بمدينة سيهات.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 

ربّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدةً من لساني يفقه قولي،

 

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله،

 

الأمر بالتقوى أمر مهم لكن ليس كل من سمع الأمر بالتقوى يمتثل له، وليس كل من أراد أن يمتثل تيسر له ذلك. وذلك إذا افتقد الإنسان العنصرين الأساسيين في هذا الباب وهما: العلم والعزم على العمل. كنا نتحدث عن الأولويات وأنها من تطبيقات التقوى لا يمكن للإنسان أن يكون تقياً ما لم يقدم أشياء أمر الله بتقديمها ويؤخر أشياء أمر الله بتأخيرها. الخلط في الأولويات هو ما يجعل الإنسان يقدم ما يؤخره الله، ويؤخر ما قدمه الله. لذلك هذا الموضوع ليس من الموضوعات الإنشائية وليس من الموضوعات الكمالية بل هو في صلب الضروريات التي يجب أن نضعها في حسباننا علماً وعملاً وتطبيقاً.

بعد أن تحدثنا فيما مضى نريد أن نقف على بعض التطبيقات والنماذج التي ذكرت في القرآن الكريم والسنة المطهرة حتى نكتشف أن العمل بالأولويات ومراعاة هذه الثقافة على مستوى النظرية والتطبيق ليست في أوقات الرخاء فقط بل حتى في أوقات الشدة، وكذلك في حالات الاجتماع والمجتمع.

مثلاً النموذج الأول: أصحاب الكهف والذين يستحب أن يُذكروا في كل أسبوع لأن من المستحبات كما ورد في بعض الأخبار قراءة سورة الكهف يوم الجمعة. والحقيقة أنها مملوءة بدروس يُبتلى بها كثير من الناس، يقال لها الفتن الخمس: فتنة المال، فتنة الضعف، وعدد من النماذج. يقول الله -عز وجل- عن هؤلاء أصحاب الكهف: {وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَٰهُمْ لِيَتَسَآءَلُواْ بَيْنَهُمْ ۚ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ ۖ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍۢ ۚ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} [الكهف – 19].

وهذا واحد من تطبيقات الأولويات أن الإنسان إذا أراد أن يتحدث عن شيء بعلم والله -سبحانه وتعالى- هو الأعلم بمدة لبثهم لأن الإنسان النائم لا يستطيع أن يحدد طالت مدة لبثه نومه أو قصرت. وبالتالي هم قالوا أعلم هذا أيضاً واحد من التطبيقات لكن ليس هذا مورد الشاهد. {فَٱبْعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ} الورِق هو الفضة العملة النقدية وليس الورَق الذي يُكتب عليه ورِق {فَٱبْعَثُوٓاْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِۦٓ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَامًا} هذا مورد الشاهد {فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍۢ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا}. ما الذي أراده أصحاب الكهف لمّا لبثوا هذه المدة الطويلة السنين المتمادية التي التي ينص الله- عز وجل- أنها بلغت: {ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا} [الكهف – 25]. ولولا أن الله -عز وجل- حكى لنا هذا النموذج في القرآن الكريم لانبرى بعض من يظن أن الأمور بعقله يستطيع أن يحكم، يقول يستحيل أن ينام إنسان ثلاثمائة عام. لكن هذا نص قرآني لا يستطيع أحد أن يناقشه. حتى يتعلم الناس التواضع فما يظنون أنه مستحيل ليس بالضرورة هو مستحيل بالمطلق، يكفي أن يختلف جماعتان من العقلاء في أن هذا ثابت أو ليس بثابت هذا يخرجه من دائرة المستحيل ومن دائرة الضرورة لا هو ضروري ولا هو مستحيل، ينبغي أن نبحث له عن مورد آخر. هؤلاء كانوا يعيشون محنة شديدة جداً ومع ذلك لم يغفلوا حتى على مستوى الطعام أن يبحثوا عن الأزكى. ما هو المقصود بالطعام الأزكى؟ هل هو المباح؟ هذا محتمل. جماعة متدينين فرّوا عن قومهم محافظة على دينهم لا يأكلون كل شيء. كما ينبغي للمتدين دائماً أن يراعي أحكام الله- عز وجل- فيما يطعمُ ويشرب، لا يأكل كل شيء ولا يشرب كل شيء. إنما يطعم ويشرب الزكي من الطعام والشراب، فإذا كان الطعام أو الشراب غير زكي أي غير مباح تجنبه. وإن كان زكياً ومباحاً جاز له أن يطعمه. لكن له أن يتخير أيضاً بين هذا أو ذاك. فالمعنى الأول المحتمل هو أن يكون غرضهم من كلمة أزكى المباح في مقابل الحرام. وقد لا يكون كذلك شعروا بالجوع الشديد وأرادوا ما هو الأزكى أيّ الأشد نفعاً لأبدانهم لأنه لا ينبغي للإنسان أن يظن أو يتصور يسارع في الحكم بأن هذا الطعام أفضل له أو أن ذاك الطعام أفضل له. المقياس في أفضلية هذا أو هذا تختلف. قد يكون الإنسان جائعاً شديد الجوع فيحتاج أن يأكل طعام كثير، بطبيعة الحال الكثير أفضل من القليل. وقد لا يكون كذلك كما إذا كان هذا الطعام صحياً بالنسبة له وذاك الطعام غير صحي بالنسبة له. أيهما هو الأزكى؟ الصحي هو الأزكى. وهكذا تتغير المعايير لكن عنوان الأفضلية والأولوية قد روعي في هذا الباب. فإذاً إما أن يكون الألذ طعماً، هذا مورد ثالث يعني إما المباح أو الأكثر نفعاً؟ أو الألذ طعماً؟ ولا يعاب على الإنسان أن يبحث عن الطعام الأفضل من حيث طعمه وأثره يتذوقه ليس هذا أمرا محرما، هذا نموذج.

 

النموذج الثاني، ما جاء في كلمة تروى عن أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام، أنه قال: «أن الناس إلى صالح الأدب أحوج منهم إلى الفضة والذهب». طلب الفضة والذهب وما يشبههما من متاع الدنيا ليس أمراً محرماً. لكن هل يجوز للإنسان عقلائياً وإيمانياً أن يغلب حرصه على طلب الذهب والفضة وأشباه الذهب والفضة على حساب كل شيء كما يفعله كثير من الناس لا يعنيه العلم لا يعنيه التفقه لا يعنيه الأحكام الشرعية لا يعنيه معرفة الحلال والحرام المهم أن يجمع المال مما هب ودب من سبل الكسب والعيش. هل هذا يجوز؟ المؤمن لا يجوز له أن يفعل هذا. المؤمن أول ما يبحث عنه في هذا الذهب والفضة أن الطريق إلى كسبه وتحصيله مباحٌ أو ليس بمباح؟ الربح قد يكون وفيراً في هذه الصفقة. لكن للأسف الشديد الصفقة محرمة. شراء هذا هذا السهم أو المساهمة في هذا ليس أمراً مباحاً بالنسبة للمؤمن يكفيه القليل على الكثير إذا كان حراماً. في الوظيفة الفلانية قد تكون وظيفة مشبوهة فيها توقعه تضطره العمل في هذه الوظيفة يضطره إلى أن يرتكب مجموعة من المحرمات أو حتى محرم واحد، راتبها مغري لكن يعرض عليه وظيفة أخرى أقل من حيث الراتب، من حيث الكسب، لكنها مضمونة الحلية المؤمن يقدم هذه أو تلك؟ بالتأكيد يقدم مثل ما قدم أصحاب الكهف الأزكى طعاماً، هو يقدم الأزكى نفعاً وكسباً لا يسارع إلى الانخراط في هذا النشاط أو ذاك إلا بعد أن يزنه بميزان الله -عز وجل- لأن هذا هو الصراط المستقيم.

فأمير المؤمنين يقول أيها الناس أنتم في حاجتكم إلى الأدب أشد من احتياجكم إلى الفضة والذهب الفضة والذهب حتى حتى لو تكدس وأصبح لدى الإنسان أموال قارون قارون وماله خسف الله به وبداره الأرض خسر الدنيا والآخرة. لكن الإنسان المؤدب بأدب الله -عز وجل- قد يكون فقيراً في عالم الدنيا لكنه يقدم بين يدي موته رصيداً وافراً عند الله -عز وجل- يستقبل من زمر الملائكة فيزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى أهلها. أي الحالين أفضل؟ أي العاقبتين أفضل؟  {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص – 83]. هذا أيضاً مورد من الموارد التي يذكرها.

فإذاً أمير المؤمنين ينبه إلى مسألة حسن السلوك، العلم، سمو الأهداف، بُعد الهمة، تؤدي بالإنسان إلى أن يكون من أهل الآخرة. هذه العناصر الأربعة يمكن أن تحصّل للإنسان أدباً يضمن معه حياة حقيقية. {فَلَنُحْيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةً طَيِّبَةً} [النحل – 97]. الله -سبحانه وتعالى-  يقول {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت – 64] وهنا نشير إلى أن الزهد كثيرٌ من الناس يفهم الزهد فهما خاطئا يظن أن الزهد في أن لا يكسب مالاً وأن لا يملك بيتاً، كل هذا ليس من الزهد في شيء. الزهد هو أن لا يتعلق قلب الإنسان بالدنيا على حساب الآخرة. إذا كان قلب الإنسان متعلقاً بالله -عز وجل- وبالآخرة فليعش في الدنيا لأن الله -عز وجل- إنما خلق الطيبات للناس أراد من الناس أن يستفيدوا من الطيبات لكن عبر الوسائل المشروعة والطرق المشروعة وعند التزاحم يقدم الأهم -أي الآخرة- على المهم -وهي الدنيا-. لأن الدنيا فقدانها يفقد معه متاعاً قليلاً لكن إذا خسر الآخرة خسر الدنيا والآخرة. وهذا أمر محسوب فإذاً هذان نموذجان.

 

نموذج ثالث ونختم به الحديث ما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال في وصيته المعروفة لأبي ذر رضوان الله عليه. حتى نعرف كيف أن أبا ذر انتهى إلى هذه النتيجة فصار أيقونة نموذج للمؤمن الصالح. النبي (صلى الله عليه وآله) يخاطبه ثم أخذ أبو ذر كما سنقرأ يبشر بهذا المضمون بهذا الحديث وينبه الناس إلى ما نبهه إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله). يقول في الوصية النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: «الوحدة خير من جليس السوء والجليس الصالح خير من الوحدة. وإملاء الخير خير من السكوت. والسكوت خير من إملاء الشر».

 

الإنسان مدني بطبعه، اجتماعي بطبعه. في العادة الإنسان لا يحب أن يكون منعزلاً عن الناس وإذا انكفأ إلى العزلة فلسبب. إما لأن الناس يزاحمونه مثلاً أو لأنه ينشد شيئاً يراه أهم من اختلاطه بالناس وإلا فإن الوضع الطبيعي أن الإنسان لا يستغني عن أخيه الإنسان حتى أن الله -عز وجل- يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ} [المائدة – 2]، ويقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات – 10]. كيف تتحقق الأخوة الإيمانية؟ وهذا منفرد عن هذا! وذاك منفرد عن هذا! فضلاً -لا سمح الله- عن أن يظهر هذا أو العكس. هذا لا يتحقق معه المجتمع الإيماني المطلوب، فإذاً الوحدة ليست هي الخيار الأفضل. لكن إذا دار الأمر بين أن يكون الإنسان وحيداً يعيش في عزلة أو أن يرافق رفيق السوء.

النبي (صلى الله عليه وآله) يقول الوحدة والعزلة على ما فيها من الأذى خيرٌ من أن يجالس الإنسان جليس سوء. ولعلنا أشرنا في بعض الخطب الماضية إلى أن جليس السوء يتسع على مستوى المصاديق من جليس السوء يعني الإنسان الذي يصاحبك مباشرة. يمكن اليوم مفهوم العزلة يكاد يكون غير منعدم لأنك في بيتك لست منعزلاً كل إنسان مع وسائل التواصل الاجتماعي أصبح لا يعيش إلا مع آخر بل مع آخرين. تتخير من في هذه الصحبة؟ هل تدخل مع كل أحد صديق وصاحب؟ هل تقرأ كل شيء؟ هل تتابع كل شيء؟ أو ترافق من هب ودب من الناس الصالح والطالح على حد سواء!؟ ها نحن وإياكم نشاهد الآثار السلبية لخلطاء السوء وجلساء السوء للأسف الشديد. تعيد بناء الإنسان وبرمجته على ما لا يرضاه لنفسه وما لا يرضاه الله -سبحانه وتعالى- له. فيقول: «الوحدة خير من جليس السوء. والجليس الصالح خير من الوحدة». إذا إذا وجدت أخاً صالحاً لا تفرط في صحبته فإن هذا الأخ الصالح المؤمن مرآة أخيه المؤمن.

في الحديث الشريف أيضاً: «رحم الله من أهدى إلي عيوبي». أخوك المؤمن إذا نصحك نصيحة صادقة وللنصيحة أصولها وقواعدها، في مثل هذه الحالة مثل هذا الأخ المؤمن لا يفرط فيه. لأن هذا يزيدك رصيداً إلى رصيدك، يزيدك قيمة إلى قيمتك، عزة إلى عزتك، قوة إلى قوتك بخلاف النموذج الأول. ثم النبي (صلى الله عليه وآله) يشير إلى مورد آخر من الأولويات يقول: «وإملاء الخير خير من السكوت». أيضاً الله -سبحانه وتعالى- إنما أعطانا القدرة على التواصل اللفظي من خلال اللسان أو ما يقوم مقامه من أجل أن نتعلم فإذا علمنا علمنا. كيف نعلم نعلم الآخرين؟ نملي نكتب نتواصل معهم بهذه الطريقة أو تلك. هل يجوز للعالم أن يكتم علمه في مورد يحتاج الناس أن ينشر فيه العلم؟ لا يجوز، هذه تعتبر من آثام العالم وليس المقصود بالعالم هنا الحوزوي والجامعي، كل من علم علماً على أصوله ينبغي أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويرشد في سبيل الله بالأصول الشرعية وليس بالهتك مثل ما يفعله كثير من الناس عنده عصا، وإذا سئل قال أنا أطبق التكليف الشرعي أنا الحكم الشرعي أنا آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فنفرّوا الناس من الدين والتدين، ليس هذا هو!! الأمر بالمعروف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الغرض منه غاية النبيلة والمستعمل في تحقيقه وتطبيقه غاية نبيلة. إذا كان الله -عز وجل- ينهانا عن أن نغتاب المؤمن أي أن نذكره بسوء في مغيبه، في محضره نفس الشيء. بل يتطور الأمر لو أن أحدا بهت إنساناً آخر بأن اتهمه بتهمة ليست فيه، هذا أعظم من الغيبة.

الذين لا يتفقهون ولا يحسنون ولا يديرون إدارة شرعية ينتهون إلى الضد مما أراده الله- سبحانه وتعالى-. فيقول: «وإملاء الخير خير من السكوت. والسكوت خير من إملاء الشر». إذا دار الإنسان بين أن يصمت ويسكت أو أن يتلفظ بلفظ ليس مطلوباً شرعاً التلفظ به بل منهي عنه. الفحش السباب الشتائم إيذاء الآخرين. ليس هذا ما أمرنا الله -عز وجل- به إنما أمرنا الله -عز وجل- بالكلمة الطيبة: «الكلمة الطيبة صدقة». {قُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا}. {وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا}. أما أن يسترسل الإنسان وراء مشاعره وعواطفه يتكلم بكل ما شاء له وعلى ذهنه هذا يضره.

في الرواية ورد عن عن ورد عن محمد ابن زياد قال سمعت الأحنف ابن قيس يقول أتيت المدينة فبينا أنا بها إذ رأيت الناس يسرعون الى رجل. فمررت معهم. فإذا أبو ذر -هذا الذي يتهافت الناس عليه أبو ذر. رضوان الله عليه- فجلست إليه فقال لي: من أنت؟ قلت: الأحنف. قال أحنف العراق -معروف هذا الأحنف ابن قيس كان يقيم في العراق- يعني أنت فلان؟ قلت نعم. قال لي: يا أحنث الوحدة خير من الجلوس.

أبو ذر طبعا نُفي. أبو ذر غُرّب. أبو ذر كان عنده استعداد أن يعيش حالة الوحدة. لكن لا أن يداهن أحداً على حساب دين الله -عز وجل-. حتى أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- شهد له تلك الشهادة التي تواترت بين المسلمين فأصبح أبو ذر رمز الصدق رمز الثبات على هذا المبدأ.

«قال لي نعم يا أحنث الوحدة خير من جليس السوء. أليس كذلك؟ قلت نعم. قال: والجليس الصالح خير من الوحدة. اكذاك؟ قلت نعم. قال وتكلم بخير خير من أن تسكت. أكذلك؟ قلت نعم. قال والسكوت عن الشر خير من التكلم به. أكذلك؟ قلت نعم. قال خذ هذا العطاء». هذا عطاء هذا الذي اعطيتك ليس من عنده ذكرنا أن هذه رواية هذا شيء مما تلقاه من رسول الله صلى الله عليه وآله. «خذ هذا العطاء ما لم يكن ثمنا لدينك» حذار من أن تسترخص دينك فتبيعه لمن شاء من الناس مهما كان الثمن الذي يدفع لك من أجل أن تتخلى عن دينك ومبادئك لا تجعل دينك ثمناً لشيء من هذا. «فإذا كان ثمنا لدينك فإياك وإياه». فإذا مسألة الأولويات وثقافة الأولويات ليست شيئا يستطيع الناس أن يتخلون عنه. الناس يعيشون في المباراة تغلب الكرة قالوا لو أن اللاعب الفلاني ضرب برأسه، لو أن اللاعب الفلاني فعل كذا وكذا هذا أيضاً تطبيق من تطبيقات الأولويات، لكن تطبيق في ماذا؟ شغل الناس أنفسهم في ماذا؟ هل فيما يقربهم إلى الله عز وجل؟ هل يدفعون هذا المال الذي يدفعونه والأوقات التي يدفعونها في شيء يفترض ان يلتزمون به ويفعلوه؟ للأسف الشديد كثير من الناس يحسن فهم هذه الاولويات لكنه لا يطبقها في المورد المطلوب.

 

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن نكون وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

اللهم صلِّ على محمد وآل محمد، اللهم كن لوليك الحجةِ بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصرا ودليلاً وعينا، حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً.

 

اللهم انصر الإسلام والمسلمين واخذل الكفار والمنافقين، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وأغن فقرائنا وأصلح ما فسد من أمر ديننا ودنيانا ولا تخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا يا كريم، وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى