حديث الجمعة

حديث الجمعة .. المؤمن والابتلاء .. 11-8-1445هـ

المؤمن والابتلاء

11/8/1445هـ

 

بسم اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدِ الخلقِ وأشرفِ الأنبياءِ والمرسلين محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.

ربِّ اشرح لي صدري، ويسِّر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي.

اللهم اجعل أعمالَنا خالصةً لوجهِك الكريمِ.

عبادَ اللهِ! أوصيكم – ونفسي – بتقوى اللهِ، فإن اللهَ تعالى يقول {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197].

ومن هذا الأمرِ الإلهيِّ يُعلَم أن الناسَ عابرون في هذه الدنيا، وأنها ممرٌ لهم وليست مستقرّاً. وهذا المعنى واحدٌ مما نبَّه إليه الحقُّ تعالى بقولِهِ {.. أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53]، وبقولِهِ {.. إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156].

أما الزادُ، فإنه التقوى، كما قالت الآيةُ.

فكيف نكون من المتقين؟

إن التقوى – أيها المؤمنون والمؤمناتُ – عنوانٌ عريضٌ ينتظم فيه العلمُ والعملُ، فبالعلمِ نَعرف ما للخالقِ وما للخلقِ، ونَعرف ما نرجوه من ربِّنا وما له علينا من حدودٍ وحقوقٍ.

وإن من شُعَبِ التقوى أن نفقهَ البلاءَ ولزومَهُ، وما ينبغي أن يُتحلَّى به فيه.

أما أن الابتلاءَ لازمٌ؛ فإن اللهَ تعالى يقول {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2، 3].

فالإيمانُ ليس شعاراً مجرداً، وإنما هو اعتقادٌ بالحقِّ، وعملٌ به، ومعرفةٌ للباطلِ، ومجانبتُهُ.

ولا يكون هذا وذاك إلا بعلمٍ يُطلَب ويُعمَل به.

وللعلمِ سبيلُهُ، ولوازمُهُ، كما أن للعملِ قواعدَهُ ومبادئَهُ، وضريبتَهُ أيضاً.

ولما كنا بين يدي ميلادِ إمامِنا المهديِّ عجل اللهُ فرجَهُ، وهو المؤمنُ الأولُ بين الناسِ، والمبتلى الأولُ فيهم؛ انطلاقاً مما جاء في الحديثِ الشريفِ أن “.. أشدَ الناس بلاءً الأنبياءُ، ثم الذين يلونهم، ثم الأمثلُ فالأمثلُ”[1].

 فلنقف وإياكم على مثالٍ للمؤمنِ المبتلى، وهو يونسُ بنُ عبدِ الرحمنِ.

ويونسُ، هذا، هو واحدٌ من فقهاءِ الإماميةِ الذين عاصروا أربعةً – أو خمسةً – من الأئمةِ (عليهم السلام)، وصحب وروى عن أربعةٍ – أو ثلاثةٍ – منهم، وقد بلغ من علمِهِ أن الإمامَ الرضا (عليه السلام) كان يحيل إليه في الفتوى.

قال الشيخُ الكشيُّ “حدثني علي بن محمد القتيبي، قال: حدثني الفضلُ بنُ شاذانَ، قال: حدثني عبدُ العزيزِ بنُ المهتدي – وكان خيرَ قميٍّ رأيتُهُ، وكان وكيلَ الرضا (عليه السلام)، وخاصتَه -، قال: سألتُ الرضا (عليه السلام)، فقلت: إني لا ألقاك في كلِّ وقتٍ، فممن آخذ معالمَ ديني؟ قال: خُذ عن يونسَ بنِ عبدِ الرحمنَ”[2].

وقد عُرض مصنفٌ له، يسمى (كتاب يوم وليلة)، على أبي الحسنِ العسكريِّ (عليه السلام) – أي بعد وفاتِهِ بسنين كثيرةٍ – “فنظر فيه، وتصفح كلَّهُ، ثم قال: هذا ديني ودينُ آبائي، وهو الحقُّ كلُّهُ”[3].

وقد رسخت قدمُهُ في الإيمانِ، حتى إنه – كما قال الفضلُ بنُ شاذانَ – حج إحدى وخمسين حجةً، أو أربعةً وخمسين![4]

وقال فيه الإمامُ الرضا (عليه السلام) “يونسُ بنُ عبدِ الرحمنَ في زمانِهِ كسلمانَ الفارسيِّ في زمانِهِ‏”[5].

بل إنه – أي الرضا (عليه السلام) – شهد له بحسنِ الخاتمةِ، فقال “انظر إلى ما ختم اللهُ ليونسَ! قبضه بالمدينة مجاوراً لرسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)”[6].

وزاد على ذلك أنه (عليه السلام) “ضمن ليونسَ الجنةَ ثلاثَ مراتٍ”[7]، وكذلك نجلُهُ الإمامُ الجوادُ (عليه السلام) الذي ضمن له “الجنةَ على نفسِهِ وآبائِهِ عليهم السلامُ”[8].

ومع هذا المقامِ العلميِّ الرفيعِ، والإيمانيِّ الشامخِ، ليونسَ بنِ عبدِ الرحمنَ، فإنه عانى في حياتِهِ الكثيرَ من الأذى، حتى شُنِّع عليه بما ليس فيه، ونُسِب إليه ما هو بريءٌ منه.

والسببُ أنه عالمٌ متضلعٌ، وأنهم كما قال اللهُ تعالى عن قومٍ أنهم ﴿.. كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ‌وَلَمَّا ‌يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: 39].

وقد كثرت الأسئلةُ الموجهةُ إلى الأئمةِ (عليهم السلام) عن يونسَ، حتى بعد وفاتِهِ، فقد روى الشیخُ الکشيُّ، بسندِهِ، عن داودَ بنِ القاسمِ، قال‏ “قلت لأبي جعفرٍ [يعني الجوادَ] (عليه السلام): ما تقول في يونسَ؟! قال: مَن يونس؟! قلت: ابنُ عبدِ الرحمنَ! قال: لعلك تريد مولى بني يقطينَ؟! قلت: نعم. قال: رحمه اللهُ !كان على ما نحبُّ”[9].‏

ومما روي في ابتلائِهِ رضوانُ اللهِ عليه، ما حدث به جعفرُ بنُ عيسى، قال‏ “كنت عند أبي الحسنِ الرضا (عليه السلام)، وعنده يونسُ بنُ عبدِ الرحمنَ، إذ استاذن‏ عليه‏ قومٌ‏ من‏ أهلِ‏ البصرةِ. فأومى أبو الحسنِ (عليه السلام) إلى يونسَ، ادخل البيتَ. فإذا بيتٌ مسبَلٌ عليه سترٌ.

وإياك أن تتحركَ حتى يؤذنَ لك!

فدخل البصريون، وأكثروا من الوقيعةِ والقولِ في يونسَ، وأبو الحسنِ (عليه السلام) مطرقٌ! حتى لَما أكثروا قاموا فودعوا وخرجوا، فأذن ليونسَ بالخروجِ، فخرج باكياً! فقال: جعلني اللهُ فداك أنا أحامي عن هذه المقالةِ، وهذه حالي عند أصحابي؟!

فقال له أبو الحسنِ (عليه السلام): يا يونسُ! فما عليك مما يقولون إذا كان إمامُك عنك راضياً؟! يا يونسُ! حدِّث الناسَ بما يعرفون، واتركهم مما لا يعرفون ..

[إلى أن قال]:

يا يونسُ! وما عليك أن لو كان في يدِك اليمنى درةٌ، ثم قال الناسُ بعرةٌ! أو بعرةٌ وقال الناسُ درةٌ، هل ينفعك ذلك شيئاً؟! فقلت: لا! فقال: هكذا أنت يا يونسُ! إذا كنتَ على الصوابِ، وكان إمامُك عنك راضياً لم يضرَّك ما قال الناسُ”[10].

ويلاحظ في الخبرِ أن الإمامَ (عليه السلام) – لمصلحةٍ، أو لمانعٍ – لم يدفع عن يونسَ ما قيل فيه من الباطلِ! وهذا ابتلاءٌ آخرُ!

بل إن ابتلاءَ هذا المؤمنِ الفقيهِ سبق إمامةَ الرضا (عليه السلام)، وامتد إلى ما بعد وفاِتهِ، ووفاةِ الإمامِ الرضا (عليه السلام)، ولنورد شاهدين على ما نقول:

أما الشاهد الأول: فهو ما حدَّث به محمدُ بنُ الحسنِ، قال‏ “كنا في مجلسِ عيسى، فقال: أردتُ أن اكتبَ إلى أبي الحسنِ الأولِ [يعني الكاظمَ] (عليه السلام) في مسألةٍ أسأله عنها: جُعِلتُ فداك! عندنا قومٌ يقولون بمقالةِ يونسَ، فأعطيهم من الزكاةِ شيئاً؟! فكتب إليَّ: نعم! أعطهم؛ فإن يونسَ أولُ مَن يجيب عليّاً (يعني الرضا) إذا دعا.

قال: كنا جلوساً بعد ذلك، فدخل علينا رجلٌ، فقال: قد مات أبو الحسنِ موسى (عليه السلام)، وكان يونسُ في المجلسِ، فقال يونسُ: يا معشرَ أهلِ المجلسِ! إنه ليس بيني وبين اللهِ إمامٌ الا عليَّ بنَ موسى (عليه السلام)، فهو إمامي”[11].

ويشير إلى حادثةِ الوقفِ، ويسمون بالواقفةِ، الذين لم يقروا للإمامِ الرضا بالإمامةِ.

وهذا الشاهد يفيد أن يونسَ (رحمه الله) كان مخاصَماً قبل إمامةِ الإمامِ الرضا (عليه السلام)، وأن له مقالةً علميةً خوصم فيها، ولم تكن تلك المقالةُ باطلةً، ولا مضرةً بعلوِّ كعبِهِ في العلمِ والإيمانِ.

وأما الشاهد الثاني، فهو: ما رواه الكشيُّ، بسندِهِ، عن عبدِ العزيزِ بنِ المهتدي، قال‏ “كتبتُ إلى أبي جعفرٍ [يعني الجوادَ] (عليه السلام): ما تقول في يونسَ بنِ عبدِ الرحمنَ؟! فكتب إليَّ بخطِّهِ: أحبه، وأترحمُ عليه، وإن كان يخالف أهلَ بلدِك”[12].

فقد استمرت الخصومةُ ليونسَ، والتساؤلاتُ الإشكاليةُ عنه، إلى ما بعد وفاتِهِ!

وهذا يعني أن محنةَ يونسَ – المؤمنِ والفقيهِ – كانت شديدةً!

وقد تسأل هل لذلك من سببٍ؟!

الجواب: لا بد أن لذلك سبباً، بل أسباباً منها أن كان عالماً بين جهالٍ، ولا عجبَ أن يُخاصَم ويُعادَى، فشأنُ الجاهلِ الجهولِ معاندةُ العالمِ، ولا غرابةَ أن يتسببَ المؤمنُ نفسُهُ – وإن كان فقيهاً – في مثلِ هذه المخاصمةِ إن لم يراعِ قواعدَ العلمِ والإيمانِ حقَّ الرعايةِ.

وذلك أن من آدابِ المؤمنِ – خصوصاً إذا كان من أهلِ العلمِ والفقهِ – أن يداريَ الناسَ، فلا يحدثُهم بما لا يحتملونه!

لذلك أُمِرنا بالتوددِ للناسِ، ومداراتِهم، ومخاطبتِهم على قدرِ عقولِهم، ودعوتِهم بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، فإن قبلوا فبها ونعمت، وإن لم يقبلوا احتملنا أذاهم في حدودِ ما أذن اللهُ تعالى في احتمالِهِ، وإلا جادلناهم بالتي هي أحسنُ.

قال تعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].

وقد روى الكشيُّ، بسندِهِ، عن الفضلِ بنِ شاذانَ، قال “حدثني أبو جعفرٍ البصريُّ – وكان ثقةً فاضلاً صالحاً – قال: دخلتُ مع يونسَ ابنِ عبدِ الرحمنَ على الرضا عليه السلام، فشكى إليه ما يَلقى من أصحابِهِ من الوقيعةِ، فقال الرضا عليه السلام: دارِهم؛ فإن عقولَهم لا تبلغ”[13].

ولهذا أصلٌ في السلوكِ النبويِّ، فقد روي عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام) أنه قال “ما كلَّم رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وآلِهِ العبادَ بكنهِ عقلِهِ قط!”[14].

وروي عن رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وآلِهِ أنه قال “إنا – معاشرَ الأنبياءِ – أُمِرنا أن نكلمَ الناسَ على قدرِ عقولِهم”[15].

فلا ينبغي لمؤمنٍ – ذكراً كان أو أنثى، عالماً كان أو غيرَ عالمٍ، غنيّاً كان أو فقيراً، مشهوراً كان أو مغموراً – أن يتوهمَ أنه لن يُبتلى، فالابتلاءُ قدرُ اللهِ المحتومُ.

وعليه، فإن اللازمَ علينا أن نتفقهَ في ما يجب علينا فعلُهُ مع الابتلاءِ، حتى لا نخالفَ ربَّنا في أراده منا فعلاً أو تركاً.

فالاعتقادُ بالمهديِّ (عليه السلام) – مثلاً – والذي نستقبل ذكرى ميلادِهِ الشريفِ بعد أيامٍ، إنهذا الاعتقادَ قام عليه الدليلُ القطعيُّ بين المسلمين جميعاً، ولا ينبغي لأيٍّ منا أن نخجلَ من اعتقادِنا به مع طولِ عمرِهِ وغيبتِه، ما دمنا على الصوابِ، ورضي عنا اللهُ تعالى ورسولُهُ (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمةُ (عليهم السلام)؛ فإن مَن يستهزئ بنا في ذلك لو عرف ما نعرف لاعتقد ما نعتقد، لو حسنت منه النيةُ، وجدَّ في طلبِ الحقِّ!

ومن بابِ التنبيهِ له نذكِّر بأن مما يعتقد المسلمون والنصارى واليهودِ هو وجودَ عدوِّ اللهِ إبليسَ، وطولَ عمرِهِ، وهو غائبٌ عن نواظرنا، لكننا نجد أثرَهُ في كلِّ معصيةٍ نقترفها، أو خاطرِ سوءٍ يراودُنا!

نسأل اللهَ تعالى أن نكونَ وإياكم من أهلِ الإيمانِ، الشاكرين في السراءِ والصابرين في الضراءِ، وأن نكونَ ممن يستمعون القولَ فيتبعون أحسنَهُ إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.  

***

اللهم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ.

اللهم كن لوليك الحجةِ بنِ الحسنِ، في هذه الساعةِ، وفي كلِّ ساعةٍ، وليّاً، وحافظاً، وقائداً، وناصراً، ودليلاً، وعيناً؛ حتى تسكنَهُ أرضَك طوعا، وتمتعَهُ فيها طويلاً.

اللهم انصر الإسلامَ والمسلمين، واخذل الكفارَ والمنافقين.

اللهم مَن أرادنا بسوءٍ فأرده، ومَن كادنا فكِده.

اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وأغنِ فقراءَنا، وأصلِح ما فسَد من أمرِ دينِنا ودنيانا، ولا تُخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا، إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ.

وصلى اللهُ على سيدِنا ونبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.

 

[1] الكافي 3/633، ط دار الحديث، كتاب الإيمان والكفر، باب شدة ابتلاء المؤمن، الحديث (1).

[2] رجال النجاشي 447، ترجمة يونس.

[3] اختيار معرفة الرجال 2/780، ترجمة يونس.

[4] أعيان الشيعة 10/337.

[5] اختيار معرفة الرجال 2/781.

[6] م ن.

[7] م ن 779.

[8] م ن.

[9] م ن 781.

[10] م ن 782.

[11] م ن 783 – 784.

[12] معجم رجال الحديث 10/328، ترجمة يونس.

[13] اختیار معرفة الرجال 2/782.

[14] الكليني، محمد بن يعقوب (ت 329هـ)، الكافي ‏1/51، ط دار الحديث، 1429هـ، كتاب العقل والجهل، الحديث (15).

[15] م ن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى