حديث الجمعة

حديث الجمعة .. نعمة مولد النبي محمد (ص) .. 13-3-1445هـ

نعمة مولد النبي محمد (ص)

13/3/1445هـ

 

بسم اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدِ الخلقِ وأشرفِ الأنبياءِ والمرسلين محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.

ربِّ اشرح لي صدري، ويسِّر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي.

اللهم اجعل أعمالَنا خالصةً لوجهِك الكريمِ.

عبادَ اللهِ! أوصيكم – ونفسي – بتقوى اللهِ. وإن من تقوى اللهِ تعالى الابتهاجَ بنعمِهِ، وذكرَها.

وكمدخلٍ للحديثِ نستحضر أمرين:

الأول: أننا نستظلُّ في هذه الأيامِ هو ذكرى المولدِ النبويِّ الشريفِ، ولا ينبغي أن تمرَّ دون أن يُحتفى بها؛ استذكاراً لإنعامِ اللهِ فيها على هذه الأمةِ، بل على البشريةِ، بمن أرسله رحمةً للعالمين، أعني خاتمَ النبيين محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم).

وقد اتفق المسلمون على أنه وُلِد في شهرِ ربيعٍ الأولِ، واختلفوا بين قائلٍ إنه في الثاني عشرَ منه، وقائل إنه في السابعِ عشرَ. ولعل في هذا لطفاً أن تمتدَّ الاحتفالاتُ ليتحدوا على ذكرِ ميلادِهِ في أسبوعٍ، فهذا من الاختلافِ المحمودِ.

الثاني: أن مما أُمِرنا به في القرآنِ الكريمِ – وهو الدستورُ التشريعيُّ المتفقُ عليه بين المسلمين – هو استذكارُ نعمِ اللهِ تعالى.

أ – ففي سياقِ تنبيهِ المسلمين إلى ما كان عليه أمرُ الطلاقِ في الجاهليةِ، وفوضويتِهِ، وكيف نظَّمه اللهُ في هذا الدينِ، قال في سورة البقرة ﴿‌.. وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ..﴾ [البقرة: 231].

ب – وفي سياقِ التنبيهِ إلى ما كان عليه الناسُ قبل إسلامِهم من عداءٍ مستحكِمٍ، وما صاروا إليه بعد الإيمانِ من أخوةٍ راسخةٍ، قال – في سورة آل عمران – ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ‌وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: 103].

جـ – وفي سياقِ التنبيهِ إلى أهميةِ ما واثق اللهُ عليه الناسَ من دينٍ اشتمل على أحكامِ الطهارةِ، قال – في سورةِ المائدةِ -﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦) ‌وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [المائدة: 6-7].

د – وفي سياقِ التنبيهِ إلى أهميةِ استذكارِ نعمِ اللهِ على السابقين واللاحقين ودورِه في تربيةِ الناسِ على عبادةِ اللهِ، بالصبرِ على ابتلاءاتِهِ، والشكرِ على نعمائِهِ، قال سبحانه مخاطباً نبيَّهُ موسى (عليه السلام)، في هذا السياقِ قال – في سورةِ إبراهيمَ – ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ‌وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ [إبراهيم: 5].

 

***

بعد هذا المدخلِ، نتساءل، ونقول:

هل المولدُ النبويُّ نعمةٌ ليكونَ مصداقاً للنعمةِ الحسنِ ذكرُها؟!

الجواب: لا نحسب أن مسلماً يخالجه شكٌّ في أن ولادةَ النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ الذي أرسله اللهُ تعالى لاحقاً رحمةً للعالمين، كانت هي المحطةَ الدنيويةَ الأولى لهذه النعمةِ العظمى.

 بل إن مَن يتحفظ على الاحتفالِ بالمولدِ يروي عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال – في حديثٍ يرويه مسلمُ في صحيحِهِ – لَما سئل عن صومِ الاثنين؟ “ذاك يومٌ ولدتُ فيه، وأنزل عليَّ فيه”[1]، وفي هذا دلالةٌ واضحةٌ أنه يومٌ بورك بولادةِ النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه.

ونضيف إن إنعامَ اللهِ تعالى على الخلقِ بنبيِّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) لهو أعظمُ النعمِ، فمولدُهُ من المصاديقِ الفضلى للنعمِ، يتبين ذلك مما قُرِّر من مكانةٍ لرسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) في التشريعِ.

ومن ذلك:

أولاً: إلزامُ المؤمنين بالصلاةِ على رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) والتسليمِ له، بعد تبيينِ أن اللهَ تعالى وملائكتَهُ سابقون في الصلاةِ عليه، فقال تعالى – في سورةِ الأحزابِ -﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ ‌يُصَلُّونَ ‌عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].

ثانياً: إلزامُ الذين آمنوا بالإيمانِ بالرسولِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبتعزيرِهِ، وبنصرتِهِ، واتباعِ النورِ الذي أُنزِل معه، فقال – في سورةِ الأعرافِ – ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ ‌وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157].

ثالثاً: النهيُ عن مناداةِ النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بنحوِ ما ينادي به الناسُ بعضُهم بعضاً، بمعنى تمييزِهِ على مستوى التلقيبِ والتكنيةِ، فقال تعالى – في سورةِ النورِ -﴿لَا تَجْعَلُوا ‌دُعَاءَ ‌الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: 63].

رابعاً: النهيُ عن رفعِ الصوتِ فوق صوتِ النبيِّ والجهرِ له بالقولِ، كما يجهر الواحدُ منا للآخرِ، فقال تعالى – في سورةِ الحجراتِ -﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌لَا ‌تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [الحجرات: 2-3].

خامساً: النهيُ عن التقديمِ بين يدي النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يُقترحَ عليه دون طلبٍ منه، ناهيك عن تقديمِ قولٍ على قولِهِ، فقال سبحانه – في الحجراتِ أيضاً -﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌لَا ‌تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: 1].

ولا يفوتنا التذكيرُ بأن اللهَ سبحانه قد سجَّل الاحتفاءَ بمولدِ نبيين كريمين في قرآنٍ يُتلى آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ، وهذا النبيان هما يحيى وعيسى (عليهما السلام).

أما ذكرُ مولدِ يحيى، فقد جاء في صدرِ سورةِ مريمَ، حيث قال تعالى – في سورةِ مريمَ – ﴿كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (٣) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (٩) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: 1-11].

واما ذكرُ مولدِ عيسى (عليه السلام)، فقد جاء – في السورةِ نفسِها – ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (١٩) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (٢١) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (٢٢) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (٢٣) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (٢٧) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٣٦) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٣٧) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [مريم: 16-34].

فهذا ذكران عظيمان مفصلان عن لمولدِ نبيين عظيمين نُصَّ على ذلك في القرآنِ الكريمِ، فلا معنى لأن يتحفظَ أحدٌ على ذكرِ النبيِّ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أشرفُ منهما، وأفضلُ منهما، وهو الذي ختم اللهُ بنبوتِهِ النبواتِ، وبرسالتِهِ الرسالاتِ.

وأخيراً، فإن في ذكرِ مولدِ نبيِّنا (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكراً للهِ تعالى، وذكراً لأنعمِهِ، وفي طليعتِها شخصُ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أرسله رحمةً للعالمين. ولن نجدَ وفاءً أفضلَ من وفائِنا لِمن قدَّر اللهُ أن يكونَ سبباً في نجاةِ مَن اختار الإسلامَ ديناً يدين به يومَ لا ينفع ولا بنونَ إلا مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليمٍ.

جعلنا اللهُ وإياكم مَن المحبين الصادقين لرسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمتأسِّين به، ومن الذين اتقوا والذين هم محسنون، وممن يستمعون القولَ فيتبعون أحسنَهُ.

***

اللهم صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ.

اللهم كن لوليك الحجةِ بنِ الحسنِ، في هذه الساعةِ، وفي كلِّ ساعةٍ، وليّاً، وحافظاً، وقائداً، وناصراً، ودليلاً، وعيناً؛ حتى تسكنَهُ أرضَك طوعا، وتمتعَهُ فيها طويلاً.

اللهم انصر الإسلامَ والمسلمين، واخذل الكفارَ والمنافقين.

اللهم مَن أرادنا بسوءٍ فأرده، ومَن كادنا فكِده.

اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وأغنِ فقراءَنا، وأصلِح ما فسَد من أمرِ دينِنا ودنيانا، ولا تُخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنا، يا كريمُ.

وصلى اللهُ على سيدِنا ونبيِّنا محمدٍ، وعلى آلِهِ الطيبين الطاهرين.

 

[1] صحيح مسلم 2/ 819، ت عبد الباقي، كتاب الصيام، باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى