السائر في ولاء الحسين

إلى جدي الملا السيد محمد النمر الصائغ و قد استقر من سفره بعد تسعين عاماً..
خليَّاً من الدنيا و( باللهِ) ممتلي
تسافر في شوقِ الموالي إلى الوليْ
خرجت صفيَّاً من هواها مطهراً
كأنك لم تنزل حماها و تدخلِ
ترجلَّت عن محسوسها و ظهورهِ
لتشرب من ماء الغيوب المنزَّلِ
بلى عنده زادٌ و يحمل سلماً
إلى حيث ألقى جبرئيل بمحملِ !
فمعراجه صوتٌ و في زادهِ هوى
ليبكي (حسيناً) وهو يمشي خطى (علي)
و ما ذاك يا جدي مشيبٌ و إنما
بقايا غبار (الطفِّ) من صوتك الولي !
……
و ألقى عصاه و استقرت به النوى
أخيراً كما يرجو على خير منزلِ
و ما الموت ترحالٌ و لكن وصوله
وصولٌ فمن يستعصر الغيم يهطلِ
و لكنَّما هذي الحياة محطةٌ
بلا موعدٍ أو مركبٍ أو معوِّلِ
تظن بها عزَّ الرحيلُ و إنما
مقامُكَ فيها عزَّ دون ترحُّلِ
تصيب المنايا من تصيب و إنها
أمانٍ لمن ساروا و قالوا: إلى العلي
فيلمع في ليل السرى نور حبهم
فيا لك من ليلٍ بصبح مسربلِ !
فمن أين هذي النار ؟
– نار قلوبهم تضيء
ليدنو كل صادٍ ليصطلي
ومن أين هذا الصفو؟
– أرواحهم سمت
إلى سبحات النور فالحق ينجلي
فلم تحفلَن بالسير ما دمتَ ممسكاً
بحبلِ (عليٍّ) فهو يسحب من علِ
—–
تنقلت من دار الشقاء إلى البقا
و ها قد كشفت السر فاكشف و فصِّلِ
و لا توجزن هذا المقال فطالما
حصدنا ربيعاً منك في كل مقولِ
بصائر يا جدي بعينيك لم تزل
ترى و ترينا من بعيدٍ و تجتلي
لماذا إذن هذا الفراق يشجُّنا
و يهوي بأسيافٍ علينا و أنصلِ
لماذا إذن ندري بحتم قضاءه
و لكن متى ينزل نشكَّ و نسألِ
أكان يقينا لا نريد ؟ أ راحةٌ
مع الشك يرجوها المصاب بمقتلِ ؟
و بينك يا جدي تكثَّر بيننا
ففي كل بينٍ منه غارةُ جحفلِ
و رب فراقٍ واحد تستطيعُهُ
و مهما تزدْ هذي الفراقات تقتلِ
———–
سرى البارقُ (الطفيُّ) ليلاً و سرتَهَ
فما (البارق النجديُّ) في الأفق يغتلي !
على (فائزيٍّ) لم ينم في شفاهه
صهيلٌ من (الميمونِ) ما انفكَّ يصطلي
يدل مريداً كيف يحسن معولاً
و يرشدُ موتوراً طريق التعلُّلِ
على منبرٍ يعلو على الغيم كلما
جرى فيه ذكرٌ (للحسينِ) بمحفلِ
يرتل آياتٍ نزلنَ بكربلا
و يتلو من الصرعى صحائف مُرسَلِ
هنا عشق أهل البيت ذخَّرت يا ابنهم
و لملمته كنزاً ليوم التوسُّلِ
و أسكنته في مطمئنِّ فؤادك ال
رحيب ، و قلت: الحبُّ زادي و مأملي
ولو كلُّ شيعيٍّ يحبُّ كحبِّهِ
فحينك يا مهديُّ حانَ، فعجِّلِ !
السيد صادق السيد حسن النمر الموسوي