مقالات

الأربعونَ : بَينَ السِبا ومَسيرِ الكَرامة

” قُم جَدِّدْ الحُزنَ ”
ظَعنُ الوحْيِ قد وَصَلا
منْ بعدِ قَطعِ الفَيافي وامتِدادِ بَلا

ظَعنٌ منَ السَبْيِ ..
لم تَبرحْ مُرَوَّعةً
أرواحُهُ منْ نَكالٍ كانَ مُتَّصِلا

علَى العِجافِ ..
وما أدراكَ ما سَفَرٌ
حادِي السِياطِ تَوَلَّى أمرَهُ عَجِلا

تقاسَمَ القَوم هَذا الظَعنَ
منذُ سَرَى
ما بَينَ قَسوةِ أجلافٍ .. ونَهبِ حُلَى

همْ أضرَموا النارَ
في فِسطاطِهِمْ .. حَنَقًا
وقدْ تَهاوَى على مَن فِيهِ واشتَعَلا

وضَجَّ “سَجّادُهُمْ ” فُرُّوا
فَضاقَ بِهِمْ
وَجهُ الرِمالِ .. فَذا وَلَّى وَذا قُتِلا

وحِينَ جَنَّ على” الحَوراءِ ”
جُنحُ دُجًى
راحتْ تُفَتِّشُ عن أيتامِها قُبُلا

فلا تَسلْ عن رَزاياها
وهلْ وَجدَتْ
بينَ القَرابينِ إلّا حادِثًا جَلَلا

ويومَ كُوفانَ
يا لَلهِ من بَلَدٍ
ما كانَ أعنفَهُ بعدَ السُرَى نُزُلا

عادتْ بهِ ذِكرياتُ المجدِ
في زمنٍ
كانتْ بهِ زَينبٌ بَينَ النِسا مَثَلا

واليومَ في الأسرِ
لا حامٍ تُلُوذُ بِهِ
وقدْ تعَفَّرَ فوقَ النهرِ منْ كَفَلا

وأينَ ” زَينبُ ” والدِيوانُ
يَومَ طَغَى الرِجسُ الزَنيمُ ..
وما استعدَى وما فَعلا

واستَنطِقِ الشامَ
إنّ الشامَ فاجِعةٌ
لقد تَحيّرَ في أحداثِها العُقلا

دارُ الشَماتةِ ..
أعيادٌ مُجَلجِلةٌ
فما تَفرّقَ إلّا عادَ واتّصلا

ماذا أُعَدّدّ
من جَورٍ .. ومِن عَنتٍ
والبَغيُ قدْ أشرعَ الأنحاءَ والسُبُلا

عنِ الخَرابةِ
أم فتكُ الحِبالِ بِهِمْ
أم عنِ رُقيّةَ .. ويحَ الطَشتَ ما فَعلا

رَعيًا لِ ” زَينبَ ”
ما قاستْهُ من مِحَنٍ
لكنّما أصبحتْ في صَبرِها جَبَلا

واليَومَ عادتْ
وعاذَ الظَعنُ .. من سَفَرٍ
إلى الطُفوفِ.. فَهلَّ قلتَ : حَيَّ هَلا

يا سَيّدَ الماءِ
مَقتُولًا على ظَمَإٍ
أفديكَ فوقَ لِواكَ الحُرِّ مُنجَدِلا

وافتْكَ
مَن كنتَ حامِيها وكافِلَها
فقُمْ أنِخْ يا مُفَدِّي خِدرَها الجَمَلا

واقرأ علَى وجهِها الأوصابِ
ماثِلةً
واستَحفِ قلبَ الرزايا كلَّ ما احتَملا

جاءتْكَ تَحملُ رَأسًا
أوجعَتهُ عَصًا
ولم تَجِدْ عن ثنايا ثَغرِهِ حِوَلا

رأسٌ تَسنَّمَ رأسَ الرُمحِ
شَمسَ ضُحًى
حتى تنفّسَ عنهُ الذكرُ حينَ تَلا

يا رُوحَ فاطِمَ
يا مِشكاةَ حَيدرةٍ
يا مَن يُجِلُّ عُلاها القَولَ والعَملا

جِئناكِ من كُلِّ فَجٍّ
والطُفوفُ .. هَوًى
في الأربعينَ .. نُرَوِّي الروحَ والمُقَلا

كأنَ أرواحَنا الحَرَّى
تَضُجُّ شَجًى :
( زَينبْ منِ الشامِ اليومِ جَتْ كَربلا )
———-

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى