أخبار المسجد

« ابنة الحمزة » زهراء الجابر: رغم المرض .. فنانة ترسم زهرًا وتنثر عطره أملًا وتفاؤلًا

من الإصرار يولد النجاح

– خليج الديرة

شغف التطوع وحب العطاء هو الانطباع الأول عندما تشاهد تلك الفتاة ذات الثامنة عشر ربيعًا وهي تذلل صعاب المرض لتعطي بحب وتمنح من حولها تفاؤلًا، مبرهنةً للجميع بأن أعظم درجات التفوق هو تحدي تلك الصعاب.

متفائلة ومعطاءة رغم المرض …

« زهراء عبدالعزيز الجابر » بالرغم من عمرها الصغير وحالتها الصحية حيث وُلِدت بانحناء في العمود الفقري وذلك يضغط بدوره على جانب من القفص الصدري مسبّباً نقص في الأكسجين، ولا عمليات جراحية تنجح في علاجها لسوء الحالة، إلا أنها فتاةٌ مزهرة وتملك من الإيجابية ما تفيض بها على غيرها، فكان لمسجد الحمزة عليه السلام نصيبًا كبيرًا من يومها إن سنحت لها ظروفها، تتواجد فيه كمتطوعة تعطي وتعطي دون كلل.

متنقلة بين اللجان … تعطي دون توقف

وتملك «الجابر» كغيرها من الفتيات هوايات تبحث عن فرصة لتحقيقها، فهي عاشقة للرسم وكان مسجد الحمزة هو حضنها الذي حققت فيه ما تتمنى؛ مما عزز من ثقتها في الحياة وفي من حولها، وباتت من متطوعات المسجد التي لا تكل ولا تمل، فتجدها تعمل في اللجنة الفنية والإعلامية تارة، وفي التنظيم تارةً أخرى.

«زهراء» وإن كانت على سريرها الأبيض في بعض الأيام، لم يثنها ذلك عن متابعة احتياجات المسجد وعمل ما تستطيع عمله من مونتاج أو رسومات للأطفال يتم استخدامها في البرامج، فهي ذات عطاءٍ وفير، والمسجد تقبلها بظروفها الصحية، فحقٌ عليها أن تعطيه -كما ترى- مما تملك روحها العاشقة للتطوع.

من الصخر ينبت الزهر …

ومن بين أجهزة غرفة العناية المركز بأحد المستشفيات التي نزلت بها في شهر محرم الماضي ١٤٤٤هـ بعثت تلك الزهرة الأمل في قلوب الكثيرين لتعبر عن نفسها بطريقة فريدة ومبتكرة من خلال الفن والرسم التشكيلي، وأبت إلا أن تخرج من ذلك المكان بمشروع يحقق غايتها، وكان الرسم على الأكياس واللوحات والبلايز والعمل على الكورشيه هو مشروعها المنطلق من خضم الآلام، فتسابق الطاقم الطبي وزوار المستشفى للشراء منها.

من غرفة العناية المركزة تبث الأمل …

«صحيفة خليج الديرة» كان لها لقاء مع الفنانة الصغيرة «زهراء الجابر» للحديث عن مشروعها، فذكرت أن بدايته كانت من الأسبوع الأول لها في العناية المركزة وبعد تخطي مرحلة الخطر، قررت أن تبث التفاؤل والسعادة في نفسها ومن حولها وتحاول جاهدة ألا تقطع الأمل بالله، فاستأذنت من أهلها ومن ثم الأخصائية الاجتماعية لتبدأ مشروعها، فكانت أول زبونة لها، لتنهال بعدها الطلبات.

يدٍ بيدٍ نحقق الأمنيات ونقهر الصعاب …

حماسها الشديد كان دافعًا للمستشفى لتحقيق أمنيتها من خلال تنظيم معرض فني تشكيلي لرسوماتها على أرض المستشفى، لتشجيع زهراء ورفع روحها المعنوية، كما أن ذلك يساعد على نشر الوعي حول التحديات التي يواجهها المرضى في المستشفيات.

وعن فكرة المعرض أوضحت الفنانة «الجابر » أنها انبثقت من مدير فروع المستشفى وكان حينها قادمًا من الخارج لزيارة المستشفى وطلبوا منه مقابلتها مع بعض المسؤولين والمدراء، فأُعجبَ بجميع اللوحات وقرر إقامة معرض خاص باسمها، أما عن الأمنية فهذا شي تكفلت بإقامته إحدى المسؤولات عن تحقيق الأمنيات في المستشفى على مستوى المملكة- حسب قولها – ، مشيرة إلى أنها أنجزت أكثر من 50 لوحة خلال رحلة العلاج التي تعدت العشرة أشهر حاليًا.

وحظيت «الجابر» بتنظيم لم يكن عاديًا بل تعدى ذلك إلى عمل دورات فنية ولقاءات مع فنانين وفنانات من المنطقة وخارجها، إضافة إلى رسائل تشجيعية من المشاهير.

رسائل داعمة ….

المدرب والمعلق الصوتي «أحمد قريش» أبدى إعجابه بما شاهده من فنٍ جميل، متمنيًّا أن يقتني شيئًا من فن « زهور »- على حد قوله – لأنها زهرة يفوح عطرها، ومتمنيًا كذلك أن تكون في المستقبل مؤثرة ليشم عطرها الجميع من خلال تأثيرها في المجتمع.

وقال «قريش» في كلمته لزهراء: تذكريني بنفسي وأنا صغير حين كنت في عمر 15 عامًا كانت أمنيتي مثل أمنيتك أن أكون مؤثرًا وقدوةً للناس، ولأن أبي كان بطلاً في رياضته أصبحت كذلك، ثم  مشهور أمام الجماهير وتعديتها إلى بطل المملكة في عام 2016، فبدأت أؤثر في الناس وفتحت برودكاست اسمه « صباحو » كان إيجابياً وجميلاً وأصبحت أرسل للناس رسائل إيجابية.

وأضاف: من الجميل أن يكون لديك هذا الهدف السامي وأنت بالفعل قادرة على ذلك من خلال فنّك لتؤثري فيهم من خلاله، وأرفع لك القبعة احترامًا لهذه الأمنية
وأتمنى أن أراك يومًا من الأيام من الأشخاص المؤثرين.

رسالة أمل …

من جانبها بعثت ساجدة الطوبجي رسالتها بأمل: الحياة جميلة لأنها مليئة بالأشياء التي تمنحنا الأمل والمواساة كالفن والعائلة المحبة والأصدقاء.

ومن الطبيعي أن يكون المعرض فرصة للزوار والموظفين للاطلاع على رسومات « زهراء » والتعرف على إبداعاتها، والتعبير عن دعمهم لها بالتعليقات الإيجابية، مما يشكل مصدر إلهام وتحفيز للمرضى الآخرين في المستشفى، ويمكن أن يعد هذا المشروع مثالًا على كيفية تحقيق أمنية المريضة وتحويلها إلى فرصة للتعبير الفني وتعزيز الروح المعنوية للمرضى في المستشفيات، حيث يساهم الفن في التواصل مع العالم الخارجي من خلال التعلم من الآخرين واكتساب معارف فنية أكثر وسهولة الوصول إلى الهدف قد تكون أسرع بالإضافة إلى الدعم المعنوي والحافز على الاستمرار.

بادرة حب تستحق الحب …

ووصفت الفنانة زهراء شعورها نظير الدورات المقدمة لها من المستشفى بـقولها: شعور يصعب وصفه حقيقةً وأنا ممتنة جدًا لهم ولكل من بادر وجاهد على أن يرسم الفرحة في قلبي.

وتابعت: يعجز لساني عن وصف كلماتهم فهي تزرع أملًا كبيرًا في داخلي يصعب التخلي عنه، وكلمة الأخ أحمد قريش كأنه قد رافقني في رحلتي فكانت كلماته بلسمًا و دواء لنفسي كلما ضعفت شغلت ذلك التسجيل الصوتي وإذا بالحماسة عادت إليّ مجددًا.

زهراء .. مريضة تفردت بالقوة والأمل

«زهراء» ليست كأي مريضة فهي مختلفة بعض الشيء من حيث قوتها وأملها بالله، وفي تفاصيل دخولها المستشفى قالت الجابر: يوم 14 من محرم وبعد الانتهاء من الخدمة في عشرة محرم في مسجد الحمزة وبسبب زكام قوي ألم بي في اليوم الأخير أحسست بآلام وضيق في التنفس ذهبت إلى الطوارئ وأدخلوني بسرعة بسبب نقص الأكسجين وسرعة ضربات القلب فأخذوا تخطيط للقلب وأشعة للرئتين وتحاليل للدم، وكانت المفاجأة كصدمة بالنسبة لي عندما سمعت (غيري ملابسك عشان تروحين العناية المركزة) هدأت من روعي ووكلت أمري لله ودخلت الغرفة وبدؤوا بتركيب الأجهزة واحدًا تلو الآخر أحدهم في الرقبة والآخر في الفم ولكني كنت متيقنة أن الله معي في كل لحظة، ودعاء أهلي وأخواتي وصديقاتي كان هو الماء الذي يروي عطشي.

وأكملت: أجريت أول عملية ولله الحمد وتحولت لغرفة التنويم العادية وبقيت في التخصصي ثلاثة أشهر ثم تم نقلي إلى المستشفى السعودي الألماني وبعد فترة من بقائي انتكست حالتي من جديد وتم نقلي مجددًا إلى العناية المركزة منذ شهر شعبان إلى الآن.

التحدي دائمًا وأبدًا ….

وروت زهراء من المواقف الموجعة والتي تحدتها بصبرٍ وإيمان فذكرت: في يومٍ كان هادئًا جدًا و لكن عقلي مشوش جدًا دخلت الدكتورة ومعها ملون طعام وتقول لي ( تبغين تشربين ماي ) وأنا أُحدث نفسي نعم بالطبع وهززت رأسي بنعم لكني رجعت في نفسي وأحسست أني لا أريد ذلك؛ خوفًا من فشل التجربة وامتحان البلع وبدأ التوتر لأنه أمر حاسم بيني وبين نفسي، فبدأت الدكتورة بوضع الماء مع الملون ولكن اللون الأزرق عاد مجددًا لناظري وكان بالنسبة لي يوماً متعباً ولكن ماعلي فعله هو الصبر وحسن الظن بالله تعالى.

سلاحها الحمد وإن تعسرت الأمور …

زهراء حاليًا في صراع وتحدٍ لاستعادة صحتها بجهود الأطباء، فقالت: الحمدلله حمداً كثيرًا مباركًا يحاول الأطباء حاليًا استعادة جميع مافقدت، مثل المشي والأكل ومحاولة التنفس الطبيعي بدون الحاجة إلى الأكسجين ويأملون مستقبلًا أن يتم إغلاق فتحة التنفس.

أيقونة في الإيجابية …

ورغم المرض والتعب تُعدُّ زهراء مثالًا للايجابية فحديثها حمدًا لله دائمًا وأبدًا، وواصلت حديثها: سأسير على هذا النهج وأطمح لإسعاد الجميع ففي سعادتهم تولد سعادة جديدة في قلبي، ممتنة جدًا لجميع من حولي وأتمنى أن أكون محط ثقة لجميع من يحبوني، فدعمهم كان كافيًا بالنسبة لي واشعر أحيانًا أنه أكثر من اللازم، متمنيّة تواجد كادرات مسجد الحمزة في يوم افتتاح المعرض الفني الخاص بي.

لا استسلام لمن يريد الحياة …

زهراء المكافحة تؤكد أنها ترغب في مواجهة مخاوفها وأن تصل إلى جميع الأشخاص الذين يقدرون ذلك، ووجه رسالتها إلى كل شخص استسلم في حياته لبعض العراقيل أو المنقصات إن كان يريد الحياة ألا يستسلم.. فقط يواجه، وقالت: أنا طموحة وأسعى أن أصنع لنفسي اسماً يُخلّد في تاريخ المكافحين.

       

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى