شخصية من المسجد

من هو : السيد ملا محمد الملاناصر النمر الموسوي

ترجمة مختصرة للفقيد السيد ملا محمد الملاناصر النمر الموسوي
ولد المذكور في مدينة المبرز بالأحساء عام ١٣٥٠ هجري ونشأ في بيئة علمية حسينية، حيث اشتهر في وسطهم الاجتماعي باسم “بيت الملالي” فعمه هو المرحوم الخطيب الحسيني السيد علي بن السيد حسين النمر(جد رجل الأعمال المعروف السيد غسان النمر) وأبوه المرحوم الخطيب الحسيني السيد ملا ناصر النمر وعمه المرحوم الملا السيد حسن النمر.
وقد ظهر أثر هذه البيئة الحسينية الطيبة في أبناء وذرية الفقيد السيد ملا محمد ذلك بصورة جلية، من علماء وأدباء وشعراء (إناثا وذكورا).
تعليمه:
أول المراحل التعليمية التي قطعها المترجم له هو تعلّم القراءة والكتابة وكان ذلك في بيت والده وبمساعدته حتى تعلّم القراءة والكتابة وأجادها إجادة تامة بنفسه وبجهده التحق بعدها بنظام التعليم التقليدي لختم القرآن الكريم وكان لدى السيد علي العلي (رحمه الله) فتحقق له ذلك خلال فترة قياسية وهي ستة أشهر مما جعل أستاذه يعتمد عليه ويسند إليه بعض مهامه التعليمية لتفوقه على أقرانه بصورة لافتة.
وبعد افتتاح أول مدرسة حكومية في مدينة المبرّز تقدم لتحصيل بعض العلوم الحديثة (نظام مسائي) وكان ذلك في عام ١٣٧٤هـ فقررت إدارة المدرسة إلحاقه بالصف الرابع الابتدائي مباشرة، متجاوزة بذلك ثلاثة فصول لما رأت فيه من مؤهلات علمية جيدة، وكان من زملائه في ذلك الحين سعادة عضو مجلس الشورى السعودي السابق الأستاذ عبداللطيف الجبر والأستاذ يوسف بوعبيد “مدير مدرسة القادسية السابق” إلاّ أنه لم يواصل تعليمه بعد أن أتمّ الفصل الدراسي.
وفي سن مبكرة من عمره، قاده حبه للمعرفة والاطلاع لأن ينهل من مكتبة والده (السيد ملا ناصر) ما استطاع أن يثري به ثقافته أسهمت مع حافظته وذاكرته الوقادة أن تكون قاعدة أساسية متينة في أن يرتقي المنابر خطيباً حسينياً لمدة تقارب الأربعين عاماً (٤٠) ابتدأها متعلماً على يدي والده المرحوم (السيد ملا ناصر) لمدة قاربت تسع سنوات ومنذ كان في الحادية عشر من عمره وحتى بلوغه الثانية والعشرين عاما تقريباً.
وقد تلقى بعضاً من الدروس الفقهية والمنطق واللغة العربية على يدي بعض الأساتذة، فقد تلقى علوم اللغة العربية (ألفية ابن مالك) على والده السيد ملا ناصر وعلى سماحة الشيخ حسين الخليفة الملا حسين (الصائغ) على فترات متقطعة وتلقى العلوم الفقهية على سماحة الشيخ صادق الخليفة وسماحة الشيخ صالح السلطان، لفترة زمنية قاربت العام.
كما كانت له علاقة خاصة بالعلاّمة المرحوم السيد محمد بن السيد حسين العلي (١٣٢٠- ١٣٨٨هـ) المعروف بـ “العالم” تعتبر ويبدو ذلك واضحا من خلال قصيدتين كتبهما بالتتالي وخلال يومين فقط رثا بهما المذكور في مجلس العزاء الذي أقيم في مدينة المبرّز لسماحته.
خطيباً حسينياً:
مارس المترجم له الخطيب ملا محمد الخطابة الحسينية مدة زمنية طويلة تفوق ٣٥ عاما بصورة متصلة في بداياتها استمرت لأكثر من ٢٥ عاما حين استقراره في مدينة المبرّز، ولكنه استمر في اعتلاء المنبر الحسيني بعد ذلك وإن بصورة متقطعة في أماكن عمله الأخرى خصوصاً في مدينة الدمام.
وفي عام ١٤٢٥هـ جرى تكريمه ضمن ثلة من كبار خطباء الأحساء من قبل “مجلس الخطباء بالأحساء” برعاية من الحوزة العلمية في ذكرى ميلاد الإمام الحسين عليه السلام في عام ١٤٢٥ هجري.
أديباً وشاعراً:
امتلك المترجم له حساً مرهفا وشاعرية متفوقة، قد يراها البعض أبرز ملامح شخصيته حيث نظم الشعر الفصيح، وإن كان في فترة متأخرة إذ كانت أول قصيدة عربية نظمها في عام ١٣٨٨هـ وكانت بمناسبة وفاة العلاّمة السيد محمد العلي (العالم) وكان مطلعها:
مالي أرى أبناء هجر تلطمُ والحزن بين ربوعهم متقسّمُ
إلاّ ان تلك المناسبة الأليمة أبرزت الجانب الأدبي في هذه الشخصية لما مثله رحيل سماحة السيد في نفسه، فلم يكتف بقصيدة واحدة بل ألحقها بقصيدة أخرى في اليوم التالي ومطلعها:
شرعة الحق هزّها ودهاها حادثٌ معضلٌ جليلٌ عراها
ثم نظم قصيدة ثالثة في ذكرى الأربعين لسماحته قال فيها:
نعاك العلم والمجد الأثيلُ إلى العليا ومدمعُها يسيلُ
وقال في آخرها:
نسأل اللهَ للمصابين أجراً فعليه عزّ العزاء الجميلُ
وتشير هذه القصائد الثلاث إلى مدى التأثير البالغ لفقدان هذه الشخصية على المترجم له ومدى التعلق النفسي به لما كان من علاقة روحية بينهما.
وقد ذكر لي أنه كتب كل قصيدة منهما ” كما لو كان يستنسخ كلمات مكتوبة ” في إشارة إلى تداعيات شاعرية، امتلكها آنذاك.
وقد تسببت الظروف الاقتصادية التي عاشها المترجم له إلى انتقاله من مدينة إلى أخرى كسباً للرزق حيث انتقل إلى مدينة الدمام ثم إلى الثقبة ثم إلى مدينة بقيق ثم عاد إلى مدينة المبرّز ثم انتقل إلى مدينة رأس تنورة ثم إلى مدينة الدمام ثم عاد إلى المبرّز ثم استقر به المقام في مدينة الدمام ، وبسبب هذه التنقلات المتعددة التي لازمت حياة المترجم له ضاع الكثير مما كتبه من الشعر المتعدد الأغراض والجوانب متنقلاً من الشعر الولائي لأهل بيت النبوة الطاهرين إلى القضايا الإسلامية العامية ومنها القضية الفلسطينية التي حظيت بمشاركة عامة وذلك بمحضر الملك سعود بن عبدالعزيز إثر زيارته التاريخية لمنطقة الأحساء و مما قاله فيها:
قسماً بدين محمد والمشعرين وأرض قدسك يا حبية
وقد تجلى تقديره للعلم والعلماء في عدد من القصائد التي نظمها في مناسبات عدة، ارتبطت بشخصيات عدّة من هؤلاء العلماء، وكان مما قاله في تأبين سماحة المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد محسن الحكيم :
خطب عيون المجد قد أبكاها والحزنُ أطبق أرضها وسماها
وكما أشرنا إلى أن تنقلاته الكثيرة تسببت بحرمان محبي الشعر والأدب من شاعرية فذّة تجلت فيما توفر من قصائد كثيرة في مخطوط له جمع فيه كثيرا من القصائد التي نظمها ولا زال هذا المخطوط بحوزته.
مخطوطه الشعري:
بحوزة المترجم له مخطوط يحوي عددا من قصائده العربية الفصيحة والقصائد الشعبية الحسينية الرثائية بالإضافة إلى قصائد أخرى مستنسخة لبعض الشعراء الآخرين من محبي محمد وآل بيته الطاهرين، وقد كتب في الغلاف الداخلي للمخطوط ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم وأكرمنا بنور الفهم، اللهم افتتح علينا أبواب فضلك
ويسر لنا خزائن علمك برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
توقف إجباري:
وكان مما أسهم في ابتعاد المترجم له عن القراءة والاطلاع مرضٌ ألّمّ بأحد عينيه مما اضطره لإجراء أكثر من عملية جراحية فيها انقطع بعدها عن المطالعة بقدرة طبيعية ثم أعقبتها عملية جراحية في القلب وبسبب هذه وتلك انقطع من مزاولة القراءة الحسينية بعد أن مارسها لأكثر من (٤٠) أربعين عاما والتي تميّزت بعاطفة جياشة وبانتمائها إلى المدرسة التقليدية لخطباء المنبر الحسيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى